للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبول جزاء وثواب، وإن لم يقع موقع الأول، ولعل مِمَّا يوضح ذلك قوله - سبحانه -: {ثُمَّءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًي وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ} (١) .

قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: {أي جزاء على إحسانه في العمل وقيامه بأوامرنا وطاعتنا كقوله: {هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} (٢) ... وقال قتادة: من أحسن في الدنيا تمم له ذلك في الآخرة} (٣)

ويوضحه قول الله - تعالى -: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (٤) فمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح فله الحسنى في الآخرة، كقوله - تعالى -: {هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} أمَّا قوله: {وَزِيَادَةٌ} فهذا تضعيف لمن استحق ذلك، فيضاعف له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، ويشمل ذلك ما يعطيه الله المؤمنين في الجنان، من القصور، والحور، والرضا، وما أخفاه الله لهم من قرة أعين، وأفضل من ذلك كله أعلاه النظر إلى وجهه الكريم (٥) .

أمَّا النوع الثالث:

{فقبول إسقاط للعقاب فقط، وإن لم يترتب عليه ثواب وجزاء، كقبول صلاة من لم يُحضر قلبه في شيء منها؛ فإنه ليس له من صلاته إلاَّ ما عقل منها} (٦) .

فإذا صلى بالصفة السابقة سقط عنه الفرض، لكنه لايثاب عليها، ومثل ذلك صلاة العبد الآبق، وصلاة من أتى العراف فصدقه فيما يقول، فقد قال بعض العلماء: إن صلاة هؤلاء لاتقبل ومع هذا لايؤمرون بالإعادة (٧) .

أمَّا من غلط فأوّل الصفات، أو عطّلها، ومنها صفة الرضا، فيرون أن الأعمال متساوية، والجزاء والثواب عليها واحد، ولا أثر لرضا الله - سبحانه وتعالى - فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>