للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوضح ذلك آيات كثيرة، منها: قول الله - تعالى -: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (١) ، وقوله - سبحانه وتعالى -: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (٢) . وقوله - عزّوجل -: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (٣) فالله - سبحانه وتعالى - خلق السموات والأرض والموت والحياة وزين الأرض بما فيها وما عليها ليبلو العباد أيهم أحسن عملاً لا أكثر عملاً.

وحسن العمل هو: خلاصه وصوابه، وموافقته لمرضاة الله - تعالى - ومحبته، وليس الأكثر الخالي من ذلك كله أو بعضه، والتعبد لله بالأرضى له وإن كان قليلاً أرضى له من الأكثر الذي لايرضيه، فقد يتفق العملان في الصورة، وبينهما تفاضل كبير وعظيم، قد يصل مثل ما بين السماء والأرض.

وهذا الفضل يكون بحسب رضا الله - سبحانه وتعالى - بالعمل وقبوله ومحبته وفرحه به كما قال - (-: {لله أشد فرحاً بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها} (٤) .

قال البيهقي في شرح الحديث: {قوله: أفرح: معناه لله أرضى بالتوبة وأقبل لها، والفرح قد يكون بمعنى الرضا. قال تعالى: {كُلُّ حِزْبِ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (٥) أي: راضون} (٦) .

ولهذا كان قبول العمل بحسب رضا الرب - سبحانه وتعالى - به، فقد يتصدق اثنان أحدهما بكثير أو مرات متعددة والآخر بقليل، أو مرة، حسب استطاعته وغناه، ولكن صدقة هذا تفضل على صدقة الأول بكثير، وذلك بحسب محبة الله وقبوله لها، ورضاه قبل هذه وهذه.

فقبول الرضا والمحبة والاعتداد والمباهاة شيء، وقبول الثواب والجزاء شيء؛ لأن القبول أنواع:

النوع الأول:

<<  <  ج: ص:  >  >>