ورضا الله -سبحانه وتعالى- من خير ما يعطيه لعباده الصالحين يوم القيامة، كما في حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه:{ ... ثُمَّ يتجلى لهم فيقول: أنا الذي صدقتم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، وهذا محل كرامتي فسلوني، فيسألونه الرضا، فيقول: رضائي أحلكم داري، وأنا لكم كرامتي، فسلوني، فيسألونه الرضا، فيشهدهم الرضا، ثُمَّ يفتح لهم ما لم تر عين، ولم يخطر على قلب بشر إلى مقدار منصرفهم من الجمعة ... } الحديث (١) .
وفي معنى الحديث السابق قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -:
فبينا همو في عيشهم وسرورهم
وأرزاقهم تجري عليهم وتقسم
ذا هم بنور ساطع أشرقت له
بأقطارها الجنات لا يتوهم
تجلى لهم رب السموات جهرة
فيضحك فوق ثُمَّ يكلم
سلام عليكم يسمعون جميعهم
بآذانهم تسليمه إذ يسلم
يقول سلوني ما اشتهيتم فكل ما
تريدون عندي أنني أنا أرحم
فقالوا جميعاً نحن نسألك الرضا
فأنت الذي تولي الجميل وترحم
فيعطيهم هذا ويشهد جميعهم
عليه تعالى الله فالله أكرم (٣)
عن ابن عباس عن جويرية أن النبي - (- خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح - وهي في مسجدها، ثُمَّ رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ما زلتِ على الحال التي فارقتكِ عليها؟ قالت: نعم. قال النبي - (-: {لقد قلتُ بعدكِ أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه ومداد كلماته} (٤) .
فقوله:{ورضا نفسه} يتضمن أمرين عظيمين:
أحدهما: أن يكون المراد تسبيحاً هو والعظمة والجلال سيان.