للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير - رحمه الله -: { ... وفي قوله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} سر بديع؛ وهو أنه لما سخطوا على القرائب والعشائر في الله - تعالى - عوضهم الله بالرضا عنهم وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النعيم المقيم والفوز العظيم، والفضل العميم} (١) .

والاقتداء بالرسل في طلب رضا الله هو المأمور به في آيات كثيرة، منها: قوله - تعالى - عن إسماعيل - عليه السلام -: {وَاذْكُرْ فِي الْكتابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا، وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} (٢) .

ولقد كان محمد - (- أزكى من رضي الله عنهم، فكانت له الشفاعة العظمى.

وكم من شافع لاتنفع شفاعته يوم القيامة؛ لأن الله لم يأذن، ولم يرض له قولاً، ولم يرض عن المشفوع له، كما قال - سبحانه -: {يَوْمَئِذٍ لاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} (٣) ، وقال سبحانه: {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّماوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيئا إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَى} (٤) ، وقال - عزّوجل -: {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} (٥) .

فلابد في الشفاعة من الرضا:

١ - الرضا عن الشافع.

٢ - الرضا عن المشفوع له، مع إذنه - سبحانه - بالشفاعة (٦) .

وهذا في الشفاعة العامة التي للنبي - (- ولسائر الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، أمَّا الشفاعة العظمى فهي خاصة به - (- وهي المقام المحمود، الذي يدل على أن محمداً - (- خير من رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>