فالصفة تابعة للذات غير مخلوقة، أمَّا أثرها فهو مخلوق، وفرق بينهما، فالأثر غير الصفة، والصفة غير الأثر وإن سمي باسمها، فيقال للمرضي به رضا، وللمأمور به أمراً، وللمرحوم رحمة ... لكن يقال له: هذا كله ليس هو حقيقة الصفة عند الإطلاق (١) .
وبهذا يتبين خطأ قول من قال:{الرضا إمَّا ثوابه فيكون صفة فعل، وإمَّا ثناؤه فهو صفة ذات}(٢) .
٤ - أن الفعل نوعان: متعد ولازم، وفعل الرضا متعدٍ، وكلا الفعلين حاصل بمشيئته وقدرته والله متصف به (٣) وفي الحديث: {فيسألونه الرضا، فيقول: رضاي أحلكم داري وأنا لكم كرامتي فسلوني، فيسألونه الرضا، فيشهدهم الرضا}(٤)
شبهة التجسيم والجواب عنها:
ما من ناف لشيء من الأسماء والصفات إلاَّ ويزعم أنه قد قام عنده دليل العقل على أنه يدل على التجسيم، فيكون متشابهاً، فيلزم حينئذٍ أن تكون جميع الأسماء، والصفات متشابهات، وحينئذٍ فيلزم التعطيل المحض، وأن يفهم من الأسماء والصفات معنى، ولايميز بين معنى القدير والسميع والبصير والمؤمن والمتكبر والباري، ولا بين معنى الإرادة والرضا والعفو والغفران والخلق والاستواء ونحوها (٥) .
فإن قال أهل الشبهة: لايعقل رضا إلاَّ ما يقوم بقلب هو جسم.
قيل لهم: ونحن لانعقل علماً إلاَّ ما هو قائم بجسم، ولا إرادة إلاَّ ما هو قائم بجسم، ولا سمعاً، ولا بصراً، إلاَّ ما هو قائم بجسم، فلم فرقتم بين المتماثلين، وقلتم إن هذه يُمكن قيامها بغير جسم، والرضا لايُمكن قيامه إلاَّ بجسم وهما في المعقول سواء؟ .
فإن كان ما تثبتونه مماثلاً لصفات العبد؛ لزمكم التمثيل في الجميع، وإن كنتم تثبتونه على الوجه اللائق بجلال الله - تعالى - من غير مماثلة بصفات المخلوقين فاثبتوا الجميع على هذا الوجه، ولا فرق بين صفة وصفة في الإثبات (٦) .