للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التنبيه الثاني: أرجح الأوجه السَّابقة الجرُّ؛ لأنّه لا حذف معه (١) ، وزيادة (ما) لكثرتها لا توجب ضعفه بخلاف الرَّفع، فإن فيه حذف العائد المرفوع وهو في حدِّ ذاته شاذٌّ قياسا وسماعا، إذا لم يحصل طول كما في بعض أمثلة ما نحن فيه، نحو: (أكْرِمْ الرجالَ ولاسيّما زيدٌ) بخلاف نحو: (ولاسيّما رجلٌ كريمٌ) للطول بالوصف، ومقتضى هذا أن يُقيَّد ضعف الرَّفع بعدم الطّول، لكنَّهم أطلقوا ضعف رجحان الجرّ عليه نظراً إلى أنّ الجرَّ ليس في جزئياته شذوذٌ ما، بخلاف الرَّفع فإنَّ بعض جزئياته شاذٌّ، ولاشكَّ أنّ ما كانت جميع جزئياته غير شاذَّة أقوى ممَّا بعض جزئياته شاذّ، هذا وإن كان الحذف بالنَّظر لهذا التركيب غير شاذّ كما سبق، (فإيجابُه الضَّعف من حيث ما هو الشَّأن فيه) ، هكذا قلت في "الصَّغير"، وقولي: (فإيجابه الضَّعف من حيث ما هو الشَّأن فيه) إشارة لجواب ما وجدته [بخطّ] (٢) بعض الأذكياء على طرَّة شرح المصنّف، ومعناه: أنَّ الحذف هنا مستثنى من قول ابن مالك: (وإِنْ لَمْ يُسْتَطَلْ * فَالْحَذْفُ نَزْرٌ) (٣) فما معنى التضعيف به وإلاَّ لزم التضعيف بكل مقيس أو التحكم أو بيان الفرق، وكَتَبَه المعترض اعتراضا عليّ، مع ما رأيت من محاولتي الجواب عنه المشعر به، فعجبي ممَّن لا يفهم كلام النَّاس كيف يتعرض [للكتابة] (٤) عليه.

ويمكن الجواب أيضا: بأنَّا لا نُسلّم أنه مستثنى من الشّذوذ السَّماعيّ والقياسيّ معًا بل من الأوَّل فقط، وهذا لا ينافي ضَعْفه من حيث التزام ما هو شاذّ في القياس.


(١) ينظر توجيه الجر في ابن يعيش ٢/ ٨٥، والايضاح في شرح المفصل ١/ ٣٦٨، وشرح الكافية للرضي ١/ ٢٤٩ ومغني اللبيب ١٤٩، والمساعد ١/ ٥٩٧، وهمع الهوامع ١/ ٢٣٤.
(٢) زيادة من " أ " و " ب ".
(٣) ينظر الألفية ١١، وشرح ابن عقيل ١/ ١٦٣.
(٤) في الأصل: لكتابة، وما أثبته من " أ " و " ب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>