وقيل: إن تذكير "قريب" حاصل بسبب أن الرحمة مؤنث مجازي؛ وهذا تخريج الجوهري؛ وهو فاسد؛ لأن التأنيث المجازي يبيح تذكير الفعل المسند إلى المؤنث المجازي؛ فأما الذي يسند إلى ضميره؛ فلا يجوز تأنيثه، والوصف -هنا- مسند إلى ضمير الرحمة. هذا ولم يجعل المصنف منه قوله تعالى: {لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} . واعلم أن للمصنف رسالة في هذه الآية الشريفة نفيسة ضمنها أقوال الأئمة، أوصلها إلى ستة عشر قولا؛ وهي مذكورة في الأشباه والنظائر للسيوطي. مغني اللبيب: ٦٦٦، والتصريح: ٢/ ٣٢، وحاشية الصبان: ٢/ ٢٤٩. ١ ذلك؛ لأن المضاف يتعرف، أو يتخصص بالمضاف إليه، فلا بد من أن يكون غيره في المعنى: لأن الشيء لا يتعرف أو يتخصص بنفسه. وذهب الكوفيون إلى أنه يجوز أن يضاف الشيء إلى نفسه، متى اختلف اللفظان، وجعلوا اختلاف اللفظين بمنزلة اختلاف المعنيين، احتجوا على ما منعه البصريون من إضافة الاسم إلى اللقب وإضافة الصفة إلى الموصوف، وإضافة الموصوف إلى الصفة، ومتى ورد عن العرب في الكلام المنثور لم يكن بد من قبوله، وسلكوا -مع هذا السماع- طريقا عن القياس، وذلك بعطف الشيء على مرادفه؛ كقول الشاعر: وقددت الأديم لراهشيه ... وألفى قولها كذبا ومينا والأصل في العطف أن يكون المعطوف عليه. هذا وقد اختار ابن مالك في كتاب "التسهيل" مذهب الكوفيين، وجوز ما منعه هنا، فجعل الإضافة ثلاثة أقسام: محضة، وغير محضة، وشبيهة بالمحضة؛ وهي سبعة أنواع، منها إضافة الموصوف إلى الصفة وبالعكس، والمسمى إلى الاسم. حاشية يس على التصريح: ٢/ ٣٤.