للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: ما اتحدت مادته ومادة عامله، كـ: "ذهبت مذهب زيد"، و: "رميت مرمى عمرو"، وقوله: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} ١.

وأما قولهم: "هو مني مقعد القابلة" و: "مزجر الكلب" و: "مناط الثريا" فشاذ؛ إذ التقدير: هو مني مستقر في مقعد القابلة، فعامله الاستقرار، ولو أعمل في المقعد قعد، وفي المزجر زجر، وفي المناط ناط؛ لم يكن شاذا٢.

[الظرف نوعان] :

فصل: الظرف نوعان:

متصرف، وهو: ما يفارق الظرفية إلى حالة لا تشبهها، كأن يستعمل مبتدأ أو خبرا أو فاعلا أو مفعولا أو مضافا إليه، كـ "اليوم"، تقول: "اليوم يوم مبارك" و: "أعجبني اليوم" و: "أحببت يوم قدومك" و: "سرت نصف اليوم".

وغير متصرف، وهو نوعان: ما لا يفارق الظرفية أصلا، كـ: "سقط وعوض"٣، تقول: "ما فعلته قَطُّ" و: "لا أفعله عَوْضُ"٤ وما لا يخرج عنها إلا


١ "٧٢" سورة الجن، الآية: ٩.
موطن الشاهد: {نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ} .
وجه الاستشهاد: انتصاب "مقاعد" على الظرفية؛ لاتحاد مادتها ومادة الفعل "نقعد"؛ ولو اختلفت مادتهما؛ لم يجز في القياس نصب "مقاعد" على الظرفية.
٢ لأن المدار على اتحاد الظرف والعامل في المادة. وإنما استأثرت أسماء الزمان بصلاحية المبهم منها والمختص للظرفية دون أسماء المكان؛ لأن أصل العوامل الفعل، ودلالته على الزمان أقوى من دلالته على المكان. ولم ينصب المختص من الأمكنة على الظرفية؛ لأنه يلتبس بالمفعول به كثيرا. التصريح: ١/ ٣٤٢.
٣ ومثلهما: بين أو بينما، والظروف المركبة: كصباح مساء، وبين بين.
٤ قط وعوض، لا يستعملان إلا بعد نفي كما مثل، وقط لاستغراق الماضي من الزمان كما أن عوض لاستغراق المستقبل مثل أبدا، فالمعنى: ما فعلته فيما انقطع ومضى من عمري، ولا أفعله في المستقبل. و"قط" مشتقة من قططت الشيء إذا قطعته، و"عوض" مشتقة من العوض، سمي الزمان: "عوض" لأن كل جزء منه يخلف ما قبله، فكأنه عوض عنه، و"قط" مبنية على الضم، أما عوض فتبنى على الحركات الثلاث إذا لم تضف. التصريح: ١/ ٣٤٢، ومغني اللبيب: ٢٠٠، ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>