للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالكسر على معنى فإذا هو عبد القفا، والفتح على معنى العبودية، أي: حاصلة، كما تقول: خرجت فإذا العبودية، أي: حاصلة، كما تقول: خرجت فإذا الأسد.

الثالث: أن تقع في موضع التعليل، نحو: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} ١، قرأ نافع والكسائي٢ بالفتح على تقدير لام العلة، والباقون بالكسر على أنه تعليل٣ مستأنف، ومثله {صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} ٤، ومثله: "لبيك، إن الحمد والنعمة لك"٥.


١ "٥٢" سورة الطور، الآية: ٢٨.
أوجه القراءات: قرأ نافع والكسائي "أنه" بفتح الهمزة، وقرأ الباقون "إنه" بكسر الهمزة.
توجيه القراءات: من قرأ بالفتح، فالمعني: ندعوه لأنه هو البر الرحيم، أي لرحمته، يجيب من دعاة، قال أبو عبيدة: "من نصب، أراد: ندعوه بأنه، أو لأنه هو البر"، فيصير المعنى: إنه يدعى من أجل هذا, ومن قرأ بالكسر، فعلى قطع الكلام مما قبله، واختار أبو عبيدة الكسر، وقال: إن ربنا كذلك على كل حال حجة القراءات: ٦٨٣- ٦٨٤، والإتحاف: ٤٠١ وإعراب القرآن للنحاس: ٣/ ٢٥٤، والبحر المحيط: ٨/ ١٥٠.
٢ مرت ترجمته وترجمة نافع.
٣ المراد أنك إذا فتحت همزة أن الواقعة في موقع العلة، كان المصدر المنسبك منها ومن معموليها مجرورا بحرف جر محذوف دال على التعليل، وأنت تعلم أن المجرور بحرف الجر، لا يكون إلا مفردا لكونه برا رحيما، وإذاكسرت الهمزة، كانت جملة جيء بها لتعليل ما قبلها، وأنت تعلم أن التعليل يكون بالمصدر كما في المفعول لأجله، ويكون كذلك بالجمل، فلا عجب أن يجوز الوجهان.
التصريح: ١/ ٢١٨. وحاشية الصبان: ١/ ٢٧٧.
٤ "٩" سورة التوبة، الآية: ١٠٣.
موطن الشاهد: {صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "إن مكسورة الهمزة، على أن الكلام تعليل مستأنف، والتعليل يكون بالمصدر، كما في المفعول لأجله، ويكون بالجمل؛ ولذا جاز الوجهان، كما في الآية السابقة.
٥ يروى بكسر "إن" وفتحها، فالفتح على تقدير لام العلة، والكسر على أنه مستأنف، قيل: وهو أرجح؛ لأن الكلام يصير حينئذ جملتين لا جملة واحدة، وتكثير الجمل في مقام التعظيم مطلوب. وقد علل النووي "رض" وكثير من الحنفية كون الكسر أجود، بأن من كسر "إن" قال: الحمد والنعمة لك على كل حال، ومن فتحها، قال لبيك بهذا السبب.
التصريح: ١/ ٢١٨، ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>