للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقاس على هذه المواضع ما أشبهها نحو: "قصَدَك غلامُه رجلٌ" و"كم رجلا في الدار"، وقوله١: [البسيط]

٧٠- لولا اصطبار لأودَى كلُّ ذي مِقَةٍ٢

وقولك: "رجيل في الدار" لشبه٣ الجملة بالظرف والمجرور، واسم الاستفهام بالاسم المقرون بحرفه، وتالي "لولا" بتالي النفي، والمصغر بالموصوف٤.


١ لم ينسب إلى قائل معين.
٢ تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
كما استقلت مطاياهن للظعَنِ
وهو من شواهد التصريح: ١/ ١٧٠، وابن عقيل: "٤٧/ ١/ ٢٢٤"، والأشموني: "٥٠/ ١/ ٩٨"، والعيني: ١/ ٣٥٢.
المفردات الغريبة: أودى: ماضٍ لازم بمعنى هلك. مقة: محبة، وفعله: ومق يمق بالكسر فيهما، والياء فيه عوض عن فاء الكلمة، وهي الواو. استقلت: نهضت وهمت للسفر. مطاياهن: جمع مطية، والمراد بها هنا الإبل، وسميت بذلك؛ لأنه يركب مطاها أي ظهرها. الظعن: الارتحال.
المعنى: يقول الشاعر: لولا التجلد والصبر، وحمل النفس على عدم الجزع لهلك كل محب عند تهيؤ أحبابه للسفر والرحيل، ومفارقتهم له.
الإعراب: لولا: حرف امتناع لوجود، أو حرف شرط غير جازم. اصطبار: مبتدأ مرفوع، وخبره محذوف وجوبا، والتقدير: لولا اصطبار موجود لأودى: اللام واقعة في جواب "لولا" أودى: فعل ماضٍ. كل: فاعل "أودى". ذي: مضاف إليه. مقة. مضاف إليه. "كما": متعلق بـ "أودى". استقلت: فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث. مطاياهن: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف، و"هن" في محل جر بالإضافة. "للظعن": متعلق بـ "استقلت".
موطن الشاهد: "اصطبار".
وجه الاستشهاد: وقوع "اصطبار" مبتدأ، وهو نكرة، والذي سوغ وقوعه مبتدأ، وقوعه بعد "لولا" وهي تشبه "ما" النافية في الجملة؛ لأنها تقتضي انتفاء جوابها لانتفاء شرطها.
٣ مواضع النكرة المفيدة كثيرة جدا. وقد أوصلها بعض النحاة إلى أربعين موضعا، والأصل الذي تقوم عليه الإفادة، وهذا الأصل هو المرجع الوحيد في صحة الابتداء بالنكرة.
٤ أي: ألحق المصغر بالمصوف في الحكم، وجواز الابتداء به إذا كان نكرة، ووجه الشبه هو اشتراكهما في المعنى؛ لأن التصغير وصف في المعنى، ومن قال: "رجيل عندنا" كأنه قال: رجل صغير عندنا، ولما جاز الابتداء بالنكرة الموصوفة، جاز قياسا عليها الابتداء بالاسم المصغر النكرة.
وانظر بقية شروط الابتداء بالنكرة في شرح ابن عقيل: ١/ ١٧٠- ١٧٨. والأشموني مع حاشية الصبان: ١/ ٢٠٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>