للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كولادة النساء، ونبات الأرض.

وأما الجزم بالوقوع وعدمه، فيحتاج إلى دليل.

وفي نفس الأمر ما ثَمّ إلا ما يقع، أو لا يقع.

والواقع لا بدّ من وقوعه، ووقوعه واجب لازم.

وما لا يقع فوقوعه ممتنع، لكن واجب بغيره، وممتنع لغيره:

وقوع ما قدره الله واجب من جهات

وهو واجب من جهات: من جهة علم الرب من وجهين، ومن جهة إرادته من وجهين، ومن جهة كلامه من وجهين، [ومن جهة كتابته من وجهين] ١، ومن جهة رحمته، ومن جهة عدله.

أمّا علمه: فما علم أنه سيكون، فلا بد أن يكون، وما علم أنه لا يكون، فلا يكون. وهذا مما يعترف به جميع الطوائف، إلا من ينكر العلم السابق؛ كغلاة القدرية٢ الذين تبرأ منهم الصحابة.


١ ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
٢ قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - عنهم: "وغلاة القدرية يُنكرون علمه المتقدم وكتابته السابقة، ويزعمون أنه أمر ونهي، وهو لا يعلم من يطيعه ممن يعصيه، بل الأمر أنف: أي مستأنف. وهذا القول أول ما حدث في الإسلام بعد انقراض عصر الخلفاء الراشدين، وبعد إمارة معاوية بن أبي سفيان في زمن الفتنة التي كانت بين ابن الزبير وبين بني أمية في أواخر عصر عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وغيرهما من الصحابة. وكان أول من ظهر عنه ذلك بالبصرة معبد الجهني، فلما بلغ الصحابة قول هؤلاء تبرءوا منهم، وأنكروا مقالتهم، كما قال عبد الله بن عمر لما أُخبر عنهم: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برءاء مني. وكذلك كلام ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وواثلة بن الأسقع، وغيرهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وسائر أئمة المسلمين فيهم كثير، حتى قال فيهم الأئمة؛ كمالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم: إن المنكرين لعمل الله المتقدم يكفرون.
ثم كثر خوض الناس في القدر، فصار جمهورهم يقر بالعلم المتقدم، والكتاب السابق، لكن ينكرون عموم مشيئة الله، وعموم خلقه وقدرته، ويظنون أنه لا معنى لمشيئته إلا أمره؛ فما شاءه فقد أمر به، وما لم يشأه لم يأمر به. فلزمهم أن يقولوا: إنه قد يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء. وأنكروا أن يكون الله تعالى خالقاً لأفعال العباد، أو قادراً عليها، أو أن يختصّ بعض عباده من النعم بما يقتضي إيمانهم به وطاعتهم له..". مجموع الفتاوى ٨٤٥٠-٤٥١. وانظر المصدر نفسه ٧٣٨٤-٣٨٥، ٨٢٢٨. وانظر ما سبق في هذا الكتاب، ص ٦٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>