للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

a وهذا استدلال بالخاصّ على العام؛ فوجود المسكر أخصّ من وجود الحرام، حيث كان [سكر] ١ كان الحرام موجوداً، وليس إذا كان الحرام موجوداً يجب وجود المسكر؛ لأنّ المحرّمات كثيرة؛ كالدم، والميتة، ولحم الخنزير٢.

فالحد الأوسط؛ وهو المسكر دلّ على ثبوت الأعم؛ وهو التحريم، من الأخص في الأخص؛ وهو النبيذ المتنازع فيه. فالمدلول عليه التحريم، وهو أعمّ من المسكر؛ فهو استدلال بالخاصّ على العام، لكن المعنى العامّ الكلّي لا يوجد في الخارج عامّاً كليّاً، بل معيّناً؛ فهو استدلال على نوع من أنواعه؛ وهو التحريم الثابت في النبيذ المتنازع فيه، وهذا أخص من مطلق التحريم؛ كما أنّ مسكره أخص من مطلق المسكر.

ومن هنا ظنّوا أنّهم استدلوا بالعامّ على الخاص؛ حيث استدلّوا بتحريم كلّ مسكر على تحريم هذا المسكر. وليس الأمر كذلك، بل الذي دلّ على تحريم هذا المسكر ليس هو مجرد القضية العامة الكلية، بل لا بُدّ معها من قضية أخص منها جزئية؛ مثل قولنا: هذا النبيذ مسكر. وبهذا الخاص يعلم ثبوت ذلك لا بمجرد [العامّ] ٣.

والدليل هنا ليس هو أعم من المدلول عليه، ولا يمكن ذلك قط.

وأما قولهم: إن الاستدلال بالخاص على العام، هو الاستقراء٤. فمجرد الخاصّ إن لم يستلزم العامّ، لا يدل عليه. والمستقرئ إن لم يحصر


١ في ((م)) ، و ((ط)) : مسكر.
٢ قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} . [البقرة، ١٧٣] .
٣ ما بين المعقوفتين ساقط من ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .
٤ تقدمت الإشارة إلى ذلك قريباً. انظر ص ٨٩٤ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>