للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدمه عدم خالقه؛ فلهذا كانت المخلوقات كلّها آيات للربّ؛ فما من مخلوق إلا وهو آية له١؛ هو دليل، وبرهان، وعلامة على ذاته وصفاته ووحدانيته. وإذا عُدم كان غيره من المخلوقات [تدلّ] ٢ على ما دل عليه، ويجتمع على المعلوم الواحد من الأدلّة ما لا يحصيه إلا الله.

كل مخلوق هو علامة على ذاته سبحانه وصفاته ووحدانيته

وقد يكون الشيء مستلزماً لدليلٍ معيّن. فإذا عُدم عرف انتفاؤه. وهذا مِمّا يكون لازماً ملزوماً؛ فتكون [الملازمة] ٣ من الطرفين؛ فيكون كلّ منهما دليلاً.


١ انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ١٤٨، ٢٩-١٢، ١٧-٢٤، ٧٤-٧٨، ٩١٤٢.
٢ في ((م)) ، و ((ط)) : يدلّ.
٣ في ((ط)) : الزلامة.
والملازمة لغة: امتناع انفكاك الشيء عن الشيء. واللزوم، والتلازم بمعناه.
والملازمة اصطلاحاً: كون الحكم مقتضياً للآخر، على معنى أنّ الحكم بحيث لو وقع يقتضي وقوع حكم آخر اقتضاءً ضرورياً؛ كالدخان للنار في النهار، والنار للدخان في الليل.
انظر: التعريفات للجرجاني ص ٢٩٤.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: " ... معلومٌ أنه إذا كان اللزوم من أحد الطرفين، لزم من وجود الملزوم وجود اللازم، ومن نفي اللازم نفي الملزوم. فكيف إذا كان التلازم من الجانبين؟ فإنّ هذا التلازم يستلزم أربع نتائج؛ فيلزم من ثبوت هذا اللازم ثبوت هذا، ومن نفيه نفيه، ومن ثبوت الملازم الآخر ثبوت ذلك، ومن نفيه نفيه. وهذا هو الذي يُسمّيه المنطقيون: الشرطي المتصل، ويقولون: استثناء عين المقدم ينتج عين التالي، واستثناء نقيض التالي ينتج نقيض المقدّم. فإذا كان التلازم من الجانبين، كان استثناء عين كل من المتلازمين ينتج عين الآخر، واستثناء نقيض كل منهما ينتج نقيض الآخر ... ".
درء تعارض العقل والنقل ٥٢٦٨-٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>