للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا قلتم: هذا ممكنٌ، بل واقعٌ، ونحن نعلم صدق الصادق إذا ظهرت هذه الأعلام على يده ضرورةً١. قيل: فهذا يُوجب أنّ الربّ لا يجوز عليه إظهارها على يد كاذب. وهذا فعلٌ من الأفعال هو قادر عليه، وهو سبحانه لا يفعله، بل هو منزّه عنه. فأنتم بين أمرين: إن قلتم: لا يمكنه خلقها على يد الكاذب وكان ظهورها ممتنعاً، فقد قلتم: أنّه لا يقدر على إحداث حادثٍ قد فعل مثله، وهذا تصريحٌ بعجزه. وأنتم قلتم: فليست [بدليل، فلا] ٢ يلزم عجزه، فصارت دلالتها مستلزمةً لعجزه على أصلكم. وإن قلتم: يقدر، لكنّه لا يفعل، فهذا حقٌ، وهو ينقض أصلكم.

وحقيقة الأمر: أنّ نفس ما يدلّ على صدق [الصادق] ٣ بمجموعه، امتنع أن يحصل للكاذب، وحصوله له ممتنعٌ غير مقدور.

الله قادر على خلق الخوارق على يد الكذاب ولا يفعل لحكمة

وأمّا خلق مثل تلك الخارقة على يد الكاذب، فهو ممكنٌ، والله سبحانه وتعالى قادر عليه، لكنه لا يفعله لحكمته٤؛ كما أنّه سبحانه يمتنع عليه أن يكذب، أو يظلم.

الأشاعرة ينفون حكمة الله تعالى

والمعجزُ تصديقٌ، وتصديق الكاذب هو منزهٌ عنه، والدالّ على الصدق قَصْدُ الربّ تصديق الصادق. وهذا القصد يمتنع حصوله للكاذب؛ فيمتنع جعل من ليس برسولٍ رسولاً، وجعل الكاذبِ صادقاً، ويمتنع من الرب


٢ ما بين المعقوفتين رسم في ((خ)) هكذا: بدل ليلا. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٣ ما بين المعقوفتين ملحق في هامش ((خ)) .
٤ قال ابن حزم رحمه الله: "والله تعالى قادر على إظهار الآيات على أيدي الكذابين المدّعين للنبوّة، لكنّه تعالى لا يفعل، كما لا يفعل ما لا يُريد أن يفعله من سائر ما هو قادر عليه". الفصل في الملل والأهواء والنحل ٥/٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>