ظلمة؛ فيجب على الإمام أن يراسلهم فيسألهم عما ينقمون عليه، فإن ذكروا مظلمة؛ أزالها، وإن ادعوا شبهة؛ كشفها؛ لقوله تعالى:{فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} .
والإصلاح إنما يكون بذلك، فإن كان ما ينقمون منه مما لا يحل فعله؛ أزاله، وإن كان حلالاً، لكن التبس عليهم، فاعتقدوا أنه مخالف للحق؛ بيَّن لهم دليله، وأظهر لهم وجهه، فإن فاؤوا ورجعوا إلى الحق والتزموا الطاعة؛ تركهم، وإن لم يرجعوا؛ قاتلهم وجوبا، وعلى رعيته معونته؛ لقوله تعالى:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} ؛ فيجب قتالهم حتى يندفع شرهم، وتطفأ فتنتهم.
ويتجنب في قتالهم الأمور التالية:
أولاً: يحرم قتالهم بما يعم؛ كالقذائف المدمرة.
ثانيا: يحرم قتل ذريتهم ومدبرهم وجريحهم ومن ترك القتال منهم.
ثالثا: من أسر منهم؛ حبس حتى تخمد الفتنة.
رابعا: لا تغنم أموالهم؛ لأنها كأموال غيرهم من المسلمين، لا يجوز اغتنامها؛ لبقاء ملكهم عليها، وبعد انقضاء القتال وخمود الفتنة من وجد منهم ماله بيد غيره؛ أخذه، وما تلف منه حال الحرب؛ فهو هدر، ومن قتل من الفريقين في الحرب غير مضمون.
قال الزهري:"هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون، فأجمعوا أنه لا يقاد لأحد، ولا يؤخذ مال على تأويل القرآن؛ إلا ماوجد بعينه" انتهى.