للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالجملة إن إقبال يعتقد في القرآن بأنه المنبع الأول للفقه الإسلامي وفيه أصول ومبادئ تدعو الإنسان إلى التوسع في الفكر مع مراعاة الأحوال والأشخاص، قد استفاد بها الفقهاء الأولون واستنبطوا منها أنظمة قانونية متعددة، وليس في القرآن أي نوع من الحجر على الفكر الإنساني (١).

وبعد أن اعترف بكون الحديث منبعا ثانيا من منابع الشريعة الإسلامية يتشكك (يتردد) في الاحتجاج به متأثرا بنظرية المستشرقين أمثال جولدتسيهر (Goldziher) والمستشرق أغانيديس (Aganides)، فوصل إلى نتيجة: أنه لا بد من التمييز بين أحاديث تدخل في إطار القانون وبين أحاديث ليس لها علاقة بالقانون، ثم لا بد من تمييز في القسم الأول بين تلك الأحاديث التي جاءت كعادات جاهلية وبين تلك التي ذكرت فيها أعراف وعادات جاهلية بعد تدخل شرعي من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه استصعب هذا الأمر لأن الفقهاء المتقدمين لم يشيروا إلى هذه الأعراف، ولا نعلم أأجاز الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأعراف بقوله الصريح أم تركها بدون أي تلميح؟ وغير ذلك من التساؤلات (٢).

وأما الإجماع عند إقبال فيرى أن له أهمية بالغة في نظام التقنين ولكن مما يؤسف له أن العلماء لم يهتموا به إنما تناقشوا نظريا حول هذا المنبع، ولم يطبقوه عمليا، ولم يقيموا له إدارة خاصة به في زمن من الأزمان، ويرى أننا إذا قلدنا الغرب في إقامة مجالس لوضع القوانين سيكون للإجماع شأن عظيم في المستقبل، فليشترك فيها المندوبون من كل مدرسة فقهية ثم يسلمون حقهم في التقنين إلى هذه المجالس التشريعية، وكذلك التطور المستقبل يسمح لغير العلماء الذين لهم نظرة غائرة في أمور التقنين حق الصوت في الإجماع (٣).


(١) ينظر تشكيل جديد لإقبال: ص: ٢٥٩.
(٢) ينظر المرجع السابق ص: ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٣) ينظر المرجع السابق: ص: ٢٦٧ - ٢٦٨.