متقابلان شرقا وغربا، الشرقيّ يسمى الرفيع «١» ، ويسمى الغربيّ البديع هما مكان فرجته، ومحلّ نزهته، وفيهما يقول محمد بن محمد المكوديّ القابسيّ بديها حين رآهما:
(الكامل)
هذا البديع كما رأيت بديع ... وكذا الرفيع كما عهدت رفيع
هذي معاهد كلّها معشوقة ... والحسن فيها كلّه مجموع
وهي ثانية تونس في الرتبة والحال، وجميع المعاملات والموجودات والأحوال.
ولبجاية حصانة عظيمة ومنعة، ولها رفق كثير بمدخل السفن إليها من البحر.
وبقية مدن إفريقيّة جميعها ممنّعة ممدنة ذوات جوامع ومساجد وحمامات وطواحين وأسواق وديارات سريّة لكنها عاطلة من حلي البرّ والمعروف لا يكاد يوجد بها مدرسة ولا خانقاه ولا زاوية ولا رباط (٥١٦) ولا مارستان إلا فاس ومرّاكش وإن لم يبلغا أدنى رتب أمثالهما، ولا تعلّقا بأذيالهما على أنّ الذي بمرّاكش أجود وسيأتي ذكرهما في موضعه.
وحدّثني أقضى القضاة أبو الروح عيسى الزواويّ أن أبواب ملوك إفريقيّة كبيرة فإذا جلس سلطانها جلس حوله ثلاثة للرأي والمشورة، ويجلس دونهم عشرة من أكابر أشياخه، وقد يكون هؤلاء الثلاثة من العشرة المذكورين، وبعد هؤلاء خمسون نفرا «٢» فإذا أمر السلطان بأمر بلّغه وزير الجند لآخر واقف وراءه، وبلّغه الآخر الآخر، وبلّغه الآخر لآخر إلى أن يسمع الأمر السلطانيّ من خارج الباب بنقل أناس [عن ناس]«٣» كما ذكرنا.