صياحه، مدبّج المطا، كأنما خلع حلة منكبيه على القطا، ينظر من لهب ويخطو على رجلين من ذهب:[المتقارب]
يزور الرياض ويجفو الحياض ... ويشبه في اللون كدر القطا
ويهوى الزروع ويلهو بها ... ولا يرد الماء إلا خطا
فبدره السادس قبل ارتفاعه، وأعان قوسه بامتداد باعه، فخر على الألاءة كبسطام بن قيس «١» ، وانقض عليه راميه، فحصله بحذق، وحمله بكيس.
وتعذر على السابع مرامه، ونبا به عن بلوغ الأرب مقامه، فصعد هو وترب له إلى جبل، وثبت في موقفه من لم يكن له بمرافقتهما قبل، فعن له نسر ذو قوائم شداد، ومناقير حداد، كأنه من نسور لقمان بن عاد «٢» ، تحسبه في السماء ثالث أخويه، وتظنه في الفضاء قبته المنسوبة إليه، قد حلق كالفقراء رأسه، وجعل مما قصر من الدلوق الدكن «٣» لباسه، واشتمل من الرياش العسلي إزارا، واختار العزلة فلا تجد له إلا في قنن الجبال الشواهق مزارا، قد شابت نواصي الليالي وهو لم يشب «٤» ، ومضت الدهور وهو من الحوادث في معقل أشب:[الطويل]
مليك طيور الأرض شرقا ومغربا ... وفي الأفق الأعلى له أخوان
له حال فتاك وحلية ناسك ... وإسراع مقدام وفترة وان
فدنا من مطاره، وتوخى ببندقه عنقه، فوقع في منقاره، فكأنما هدّ منه