فقال أبو بكر تسعة أبيات، قد غابت عن حفظنا، لكنّه جمع فيها بين إقواء وإكفاء وأخطاء وإيطاء؛ ورددنا عليه بعد ذلك عشرين ردا، ونقدنا عليه فيها كذا نقدا؛ ثم قلت لمن حضر من وزير ورئيس وفقيه وأديب: أرأيتم لو أن رجلا حلف بالطلاق الثّلاث لا أنشد شعرا قطّ، ثم أنشد هذه الأبيات فقط، هل كنتم تطلقون امرأته عليه؟ فقالت الجماعة: لا يقع بهذا طلاق؛ ثم قلت: انقد عليّ فيما نظمت، واحكم عليه كما حكمت؛ فأخذ الأبيات وقال: لا يقال: نظرت لكذا، وإنّما يقال: نظرت إليه؛ فكفتني الجماعة إجابته؛ ثم قال: لم شبّهت الطير بالمحصنات؟ وأيّ شبه بينهما؟ فقلت: يا رقيع، إذا جاء الربيع كانت شوادي الأطيار تحت ورق الأشجار، فيكن كالمخدرات تحت الأستار؛ ثم قال: لم قلت: مثل المحصنات، مثل المغني؟ فقلت: هنّ في الخدر كالمحصنات، وكالمغني في ترجيع الأصوات؛ ثم قال: لم قلت: زمن الربيع جلبت أزكى متجر؟ وهلّا قلت: أربح متجر؟ فقلت: ليس الربيع بتاجر يجلب البضائع المربحة؛ ثم قال: ما معنى قولك: الغيث في أمطاره؟ والغيث هو المطر نفسه، فكيف يكون له مطر؟