أعاذل لا آلوك إلا خليقتي ... فلا تجعلي فوقي لسانك مبردا
ذريني أكن للمال ربّا ولا يكن ... لي المال رباّ تحمدي غبّه غدا
ذريني يكن مالي لعرضي وقاية ... يقي المال عرضي قبل أن يتبدّدا
ألم تعلمي أني إذا الضيف نابني ... وعّز القرى اقري السديف المسرهدا «١»
[ص ١٨٢] فقال له المأمون: لمن هذا اللحن؟ قال: لهذا الهزبر الجالس (يعني إسحاق) ، فقال المأمون لمخارق: قم واقعد بين يدي وأعد عليّ الصوت، فقام فجلس بين يديه، فغناه فأجاد، وشرب المأمون عليه رطلا، ثم التفت إلى إسحاق فقال غن هذا الصوت، فغناه فلم يستحسنه كما سمعه من مخارق، ثم دار الدور إلى علوية، فغنى صوتا من صنعة إسحاق أيضا، وهو:«٢»[الوافر]
أريت اليوم نارك لم أغمّض ... بواقصة ومشربنا برود «٣»
فلم أر مثل موقدها ولكن ... لأيّة نظرة زهر الوقود
فبتّ بليلة لا نوم فيها ... أكابدها وأصحابي رقود
كأنّ نجومها ربطت بصخر ... وأمراس تدور وتستزيد
فقال المأمون: لمن هذا الصوت؟ فقال: لهذا الجالس، وأشار إلى إسحاق، فقال لعلوية: اعده، فأعاده وشرب عليه رطلا، وقال لإسحاق: غنه، فغناه، فلم يطرب عليه طربه لعلوية، فالتفت إسحاق وقال: أيها الأمير لولا أنه مجلس سرور وليس مجلس حجاج وجدل لأعلمته أنه طرب على خطأ، وأن الذي استحسنه، إنما هو