للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ورأيت غياث الدين صاحب هرى واقفا في خدمة الجامي [١] ، والجامي قاعد لا يكترث بوقوف صاحب هرى بين يديه.

وبهذه المملكة أبلة البصرة [٢] وشعب بوان [٣] ، (المخطوط ص ١١٢) وهما نصف متنزهات الدنيا الأربعة ذات المحاسن المنوعة.

فأما الأبلة فمدينة قديمة دثرت الآن، وبقى متنزهها على ما كان، والأبلة نهر مشتق من دجلة، مرفوع إلى البصرة يسقى بساتينها، والبصرة أشهر من أن توصف حدائقها الملتفة، وجداولها المحتفة، وما تفتر به رياضها من بدائع الزهرات، وتفردت به حدائقها من يانع الثمرات.

قال الجاحظ [٤] ، ونهر الأبلة سعة زيادة مقابلة نهر معقل، وبينهما البساتين والقصور العالية والمباني البديعة، يتسلسل مجراه، وتتهلل بكرة وعشاياة، وتظله الشجر، وتغنى به زمر الطير، وهي من الحسن حيث يشهد، العيان، ويظهر فنون الأفتان، والأبلة هي المدينة القديمة، وإنما اختطت البصرة، عوضها، وفيه يقول القاضي التنوخي [٥] . [الكامل] .


[١] جامي: أبو نصر أحمد بن أبو الحسن المعروف بشيخ جام من مشايخ المتصوفة في النصف الأول من القرن السادس الهجري قضى عمره في الرياضة والإرشاد، مات سنة ٥٣٦ هـ وله عدة كتب أهمها: أنيس التائبين، كنوز الرحمة، روضة المذنبين، بحار الحقيقة ومفتاح النجات وهو غير الشاعر عبد الرحمن الجامي المتوفى ٨٩٨ هـ. (انظر: فرهنگ أدبيات فارسي ١٥٧) .
[٢] أبلة البصرة: بينها وبين البصرة عشرة أميال، كانت مدينة عظيمة يقصدها التجار من الهند وفارس (رحلة ابن بطوطة ١٢٧) .
[٣] شعب بوان: شعب بإقليم فارس به الرياض والأشجار الكثيفة والزهور الرقيقة، وهو مكان بديع.
[٤] الجاحظ: أبو عثمان عمرو بن بحر المعروف بالجاحظ، من كبار الأدباء العرب، ولد بالبصرة، كان معتزليا، عمر طويلا ومات سنة ٢٥٥ هـ له: البيان والتبيين، والبخلاء، والحيوان، والتاج في أخلاق الملوك.
[٥] هو محمد بن محمد بن منجا زين الدين التنوخي (نسبة إلى عدة قبائل تدعى بتنوخ أقاموا بالبحرين) وهو الدمشقي ثم البغدادي الأديب المتوفي سنة ٧٤٨ هـ، له: أقصى الغرب في صناعة الأدب (انظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي، استانبول ١٩٥٥ ج ٢/١٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>