كتاب مسالك الأبصار في ممالك الأمصار

ويزعم بعض الناس أن تبعا المسمى أسعد أبا كرب ابتنى مدينة سمرقند، وأن هذا القرنين أتم بعض بنائها.

قال صاحب كتاب أشكال الأرض: وأخبرني أبو بكر الدمشقي قال: رأيت على بابها الكبير صفيحة حديد [١] ، وعليها كتابة زعم أهلها أنها بالحميرية [٢] وأنهم يتوارثون ذلك، إنها من صنعة تبع [٣] ، وبعض الكتابة أن من صنعاء إلى سمرقند ألف فرسخ.

قال: ثم وقعت الواقعة بسمرقند، وأحرق الباب الذي كانت عليه هذه الصفيحة، وأعاده أبو المظفر محمد بن لقمان بن نصر بن أحمد بن أسد [٤] ، حديدا، كما كان من حديد وتغيرت الصفيحة.

قال بعض الأطباء: تربة سمرقند صحيحة يابسة، ولولا كثرة البخارات من المياه الجارية في سكنهم «١» ودورهم، وكثرة أشجار الخلاف عنده لا ضربهم فرط يبسها، وبناؤها من طين وخشب.

وكان أهلها من إظهار المروءات أكثر «٢» من سواهم والبلد كله طرقه وسككه وأسواقه وأزقته مفروشة بالحجارة، ومياههم من وادي السغد، وهذا الوادي من بلاد البتم [٥] على ظهر الصاغانيان [٦] ، وله مجمع ماء يعرف بمجيء مثل بحيرة،

[١] ذكر الإصطخري نفس هذا القول ص ٣١٨.
[٢] الحميرية: لغة أهل اليمن، وحمير دولة ذات حضارة قامت في اليمن عقب دولة معين وقبيل دولة سبأ، وينسب إليها الخط واللغة الحميرية.
[٣] تبع: لقب أعاظم ملوك اليمن وجمعه تبابعه (المعجم الوسيط ١/٨٥) وهي مثل شاه ملك وقيصر وكسرى وخان.
[٤] ابن عم الأمير نصر بن أحمد بن إسماعيل الساماني المتوفى ٣٣١ هـ (روضة الصفا ٨٩) .
[٥] هي بلاد البتم وهي جبال ومرتفعات.
[٦] هي الصغانيان (الإصطخري ٣٤٠- ٣٤١- المقدسي ٢٨٣) .