حكى الإمام الليث بن سعد، أن المقوقس سأل عمرو بن العاص رضى الله عنه أن يبيعه سفح جبل المقطم بسبعين ألف دينار، فكتب بذلك إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فرد عليه عمر قائلا: سله لماذا أعطاك ما أعطاك فيه وهو لا يزرع ولا يستنبط منه ماء؟ فسأل عمرو بن العاص المقوقس عن ذلك، فقال: إنّا نجد صفته فى الكتب القديمة أنه يدفن فيه غراس الجنة.
فكتب بذلك عمرو بن العاص إلى أمير المؤمنين، فردّ عليه قائلا: أنا لا أعرف غراس الجنة إلّا للمؤمنين، فاجعلها مقبرة لمن مات قبلك من المسلمين ولا تبعه بشىء. فمنذ ذلك الحين صار أرضا مسبّلة يدفن فيها موتى المسلمين إلى الآن.
لجوء الزهاد والمتصوفين إليه:
وكان طبيعيا أن يلجأ الزهاد والمتصوفون إلى جبل المقطم يتخذون من سفحه مقاما، ومن أوديته مناما، بعد أن عرفوا تقديس الديانات السماوية السابقة على الإسلام له، وتكريم المسلمين أيضا.
فقد جاء فى الآثار القديمة أن جبل المقطم كان أكثر الجبال أنهارا وأشجارا ونباتا، فلما كانت الليلة التى كلّم الله فيها موسى عليه السلام، أوحى إلى الجبال:
أنّى مكلّم نبيّا من أنبيائى على جبل منكم.. فتطاول كل جبل وتشامخ، إلّا جبل طور سيناء، فإنه تواضع وتصاغر، فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه: لم فعلت ذلك- وهو به أعلم- قال: إجلالا لك يا رب! فأوحى الله تعالى إلى الجبال أن يجود كل جبل بشىء ممّا عليه، فجاد كل جبل بشىء مما عليه، إلا المقطم، فإنه جاد له بجميع ما كان عليه من الشجر والنبات والمياه، فصار كما ترون أقرع. قال: فلما علم الله سبحانه وتعالى ذلك عنه، أوحى إليه:
لأعوّضنّك عمّا كان على ظهرك.. لأجعلنّ فى سفحك غراس أهل الجنّة.