ذلك: سورة البقرة، قال الله عزّ وجل:{أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ السفهآء} والسفيه الجاهل بلغة كنانة. وقوله:{رَغَداً}[البقرة: ٣٥] يعني الخصب بلغة طيء. الخ. وإلى جانب هذه الملاحظة الأولى، تبينت ملاحظة ثانية، وهي أنّ تسلسل بعض الكلمات ناتج عن انتمائها لنفس المحور، كتسلسل كلمات:"الكفر"، و "الشرك" و "الإيمان"، وثلاثتها كان الاستشهاد الأوّل فيها من سور مختلفة. وكذلك تسلسل كلمات:"سوء"، "الحسنة" و "السَّيِّئة" و "الحسنى".
لكن ملاحظتينا لا تطَّردان في بقية الأجزاء من الكتاب، لذلك لا نجزم بهما، إلاّ أن يكون قد دخل تغيير على ترتيب تلك الأجزاء وهو الأقرب إلى المعقول إذ تصور الشيخ الملقي لكتاب في الوجوه والنظائر يستعرض الكلمات في ترتيب تنازليّ للمصحف مُبيِّناً لكلّ آية ذُكرت فيها الكلمةُ لأوّل مرّة نظائرها في بقية السور الأخرى. هذه الإجابة لا تعدو أن تكون احتمالا نظرا لانعدام المستندات التي يمكن الاعتماد عليها بصفة يقينية.
طبيعة التفسير في كتاب التصاريف:
لقد سبق أن أشرنا إلى اتفاق كتاب التصاريف في المعاني التى ذكرها للكلمات مع كتاب التفسير ليحيى بن سلام. وهذا الكتاب، الذي نعُدّه اليوم أقدم تفسير تناول القرآن كاملا بالشرح، إذ هو من القرن الثاني للهجرة، يعتبر تفسيرا بالمنقول في عمومه. فقد اختص ابن سلاّم بكثرة مروياته عن عدد كبير من الذين التقى بهم في حياته، كما روى عمَّن لم يلتق بهم مباشرة؛ مثلما فعل مع الحسن البصري، إذ أنَّه أخذ عن تلاميذه.
فالتفاسير طُبعت في كتاب التَّصاريف بطابع الرواية. يؤيد ذلك ما أشرنا إليه من اتفاق الكتاب مع كتاب التفسير، كما يؤيده ظهور أسماء بعض الرواة فيه مثل: مجاهد، والحسن، وابن عباس، والكلبي وغيرهم.