لكن أبرز الأخطار التي تواجهنا بها ثقافة العولمة هي ما يأتي: إن العولمة تنطلق من وضع الهويات بين قوسين، أو بعبارة أخرى وضع الهويات جانبا والدخول في حركية العالم بهوية دون هوية، أي إلغاء المرجعية الدينية والأخلاقية والقومية أو ما إلى ذلك، وباستدعاء كلمة الرئيس الأمريكي السابقة، سوف يكون البديل الفكري هو "القيم الأمريكية الصالحة لكل الشعوب"، إن العولمة تريد تجميع العالم على شيء واحد ولن يتم ذلك إلا بالبدء بإلغاء الهويات المحلية لأنها العائق أمام تحقق المشروع العولمي، ونحن لا نستطيع أن نكون نحن، عربا مسلمين إلا بهويتنا، ولن يكون الأمر سهلا أن نحافظ على هويتنا ونحن لا نملك وسائل الدفاع أو المحافظة عليها، الوسائل العلمية والسياسية والاقتصادية وغيرها. وقد تناول الجابري مسألة العلاقة بين الهوية الثقافية والعولمة حين كتب:
"لا تكتمل الهوية الثقافية، ولا تبرز خصوصيتها الحضارية، ولا تغدو هوية ممتلئة قادرة على نشدان العالمية، على الأخذ والعطاء، إلا إذا تجسدت مرجعيتها في كيان مشخص تتطابق فيه ثلاثة عناصر: الوطن والأمة والدولة.