المسلمين حين حرقوا كتب العلم الإنجليزية، فقد اعتبر ذلك تعصبًا لا يتفق ورسالة الإسلام التي تدعو للعلم، وتدفع إليه ولو كان في الصين ..
أما ما كان للأستاذ المازني من كتب، فتلك قصة لا تروى بين سجل الصحافة المصرية، فإنه فيها علم قلما يجاريه واحد أو اثنان من كبار أدباء الجيل وعن هذه الكتب ارتشفت أجيال متصلة معينًا من الأدب لا ينضب، ولا تزال كتبه -وستبقى- جدولًا فياضًا يعيش على الزمن، ويصلح لكل زمن.
ثم أخذت الأحداث تجري على غير نظام ثابت فيومًا تتمتع الصحف بحريتها ويومًا تضطهد اضطهادًا منقطع النظير، وفي خلال ذلك صدرت جريدة "الجهاد" لمحمد توفيق دياب صحيفة وفدية للصباح ثم زاملتها جريدة "روز اليوسف" إلى أن اختلف محررو هاتين الصحيفتين الوفديتين مع المسئولين فاستعيض عنهما بجريدة "المصري" لأصحابها محمود أبو الفتح، ومحمد التابعي، وكريم ثابت وبعد سنة ١٩٣٨ انفرد بها أبو الفتح وأشرف الوفد المصري على سياستها على أن تكون لسانًا له وهي أول صحيفة رسمية لهيئة الوفد منذ تكونت.
وكان بجانب هذه الصحف اليومية صور منها أسبوعية فقد أصدر الأحرار الدستوريون "السياسة الأسبوعية" في ١٣ مارس سنة ١٩٢٦ في ست عشرة صفحة كبيرة للآداب والعلوم والتاريخ والقانون والسياسة المصرية والشرقية والدولية، كما وجدت بها صور رمزية وقسم مصور لأهم الحوادث والأشخاص ومن أمتع ما رأيناه فيها باب "في المرآة" للشيخ البشري، وسار على هذا الدرب "البلاغ" فأصدر صاحبه "البلاغ الأسبوعي" في ٢٦نوفمبر سنة ١٩٢٦ كما ذكرنا من قبل، وهو تقليد "للسياسة الأسبوعية" وكان من أهم محرريه عباس العقاد ومحمد السباعي والأستاذ صبري أبو علم أفندي والأستاذ محمود سليمان غنام أفندي في حجم أصغر من "السياسة" وإن صدر أحيانًا في ثمانٍ وعشرين صفحة ولكنه تميز بصوره الكاريكاتورية البديعة.