للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ما يدعو إلى انحراف الوطنيين عن جهادهم الرئيسي في سبيل الاستقلال والدستور ظن "العلم" أن تعيين كتشنر بعد وفاة جورست سيبدل الموقف؛ لأن في خلق هذا العسكري ما لا يحتمل الملاينة والملاطفة نحو القصر وبطانته، ومن ثم تعود الوحدة إلى أصلها والكفاح إلى ذروته فمضى يحمل على الحكومة والإنجليز حملات شعواء أهمها مقالته التي نسب فيها إلى الحكومة نكايتها بتركية في الحرب الطرابلسية وحمل الاحتلال مسئولية هذه القصة١ فطلب اللورد كتشنر إغلاق "العلم" نهائيًّا ووقف صحف الحزب الوطني جميعًا كما تقول "المحروسة"٢ ولم تنف محفوظات الداخلية رواية هذه الجريدة غير أن الخديوي وحكومته توسطًا في الأمر فأصدرت الوزارة قرارًا بتعطيل "العلم" شهورًا ثلاثة "لسلوكها مسلك الطعن في الحكومة" بما يحمل الناس على كراهيتها٣ فأصدر الحزب الوطني في ٢٠ ديسمبر سنة ١٩١١ جريدة "الشعب" لسانًا له بعد تعطيل "العلم".

وأصبحت "الشعب" و"اللواء" -وإن اختلفتا فيما بينهما- الجريدتين المتطرفتين في ذلك الوقت، فأما "اللواء" فقد أصدرت الوزارة أمرًا بتعطيلها نهائيًّا بحجة أنها عينت محررًا مسئولًا دون أن تحصل على إذن بذلك؛ ولأن بعض رجالها والقائمين بأمرها قد صدرت عليهم أحكام قضائية عقابًا لهم على أمور موجبة للاضطراب ومخلة بالأمن العام٤، وليست هذه هي الحجة الصحيحة فقد عرفنا لجريدة "اللواء" معارضتها العنيفة طوال حياتها غير أن أكثر ما ضايق حكومة ذلك الوقت نشرها مقالًا لمحمد فريد بك في العدد ٣٨٤٧ خص فيه بالذكر إنشاء الدولة لصندوق التوفير واعتبره حيلة لجمع أموال الفلاحين ليستثمرها الإنجليز في البنك الأهلي، ثم حمل على الحكومة؛ لأنها عرقلت


١ العلم في ١٨ ديسمبر ١٩١١.
٢ المحروسة في ٢٣ ديسمبر ١٩١١.
٣ محمد فريد للرافعي، ص٢٨٦.
٤ محفوظات إدارة المطبوعات دوسيه ١١ - ٢ - ١٨٦٠.

<<  <   >  >>