للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المصري في نهاية عام ١٩٠٩ وأوائل عام ١٩١٠ وكانت الحكومة تأمل في موافقة السلطات التشريعية على هذا الموضوع، غير أن "اللواء" أحس الاتجاه فبدأ محمد بك فريد يهاجم المشروع ابتداء من أواخر أكتوبر مهاجمة عنيفة مؤيدة بالحجج والأسانيد ونقلت عنه معظم الصحف المصرية عربية وفرنجية.

كان الناس ينظرون في أول الأمر إلى فكرة مد امتياز قناة السويس نظرة مادية خالصة فكانت المناقشة تدور حول ما تنتفع به مصر من الناحية المالية، وكان هذا هو اتجاه الصحف في نظرتها إلى الموضوع غير أن محمد فريد بك نشر في اللواء مقالًا ممتعًا تحت عنوان "مسألة قناة السويس -اعتبارات سياسية"١ وكان هذا المقال حجر الزاوية في رفض المشروع فيما بعد إذ نقل الكاتب الفكرة من البحث المالي إلى الناحيتين الأدبية والمعنوية وعلاقة ذلك بكرامة الوطن وحقوقه، وبهذا المقال وبغيره مما نشر في "اللواء" والصحف الأخرى رفض مشروع مد امتياز القناة وانتصرت الصحافة في أعظم معركة اهتمت لها الحكومة اهتمامًا منقطع النظير، واعتبر ذلك الرفض من وجهة النظر العامة أول انتصار وطني على الاحتلال منذ وجد في مصر ولم يفد دفاع الصحف الموالية للإنجليز أو المتحدثة باسمهم في إنقاذ فكرة المشروع.

وفي أثناء مناقشة هذه الفكرة حدث أن اغتال إبراهيم ناصف الورداني رئيس الحكومة بطرس غالي في ٢٠ فبراير سنة ١٩١٠ لأسباب ذكرها القاتل بأنها تعود إلى تاريخ بطرس باشا ومواقفه من الحركة الوطنية وأساليبه في تناول الحكم، ويذكر الورداني أن الذي دفعه إلى هذا الجرم أن رئيس الحكومة قد وقع اتفاقية السودان سنة ١٨٨٩ ثم رأس المحكمة المخصوصة في قضية دنشواي، وفي وزارته صدر قانون المطبوعات ووزراؤه أكثر الوزراء تحمسًا لتنفيذ مد امتياز قناة السويس٢ وكان لهذا الحادث أثر كبير جدًّا في تضييق حرية القول


١ اللواء ابتداء من ٢٥ أكتوبر ١٩٠٩ ثم ١٩١٠.
٢ الرافعي: محمد فريد، ص١٧١.

<<  <   >  >>