للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي سنة ١٩٠٤ أعاد مجلس الشورى القوانين الكرة في هذا الموضوع وطالب بنفس ما طالبت به الجمعية العمومية في سنة "١٩٠٣"١ غير أن اللورد كرومر لم يوافق على رأي الجمعية العمومية أو مجلس شورى القوانين، وتضمن تقريره عن سنة ١٩٠٤ هذا الرأي وإن شارك المجلسين فيما ذهبا إليه من حيث السخط على هذه الصحف الحقيرة، وهو يريد أن يحتاط لصحافته الكبرى فلا يقبل إصدار تشريع يستغله الخديوي في القضاء على ألسنة الاحتلال لذلك يزعم العميد الإنجليزي أن الذين يدفعون لهذه الصحف خوف التشهير لو امتنعوا عن البذل لها لاستحال على هذه الصحف البقاء، ثم إن قانون العقوبات كما يقول اللورد قد تضمن مادتين جديدتين هما المادة "٢٨٢" والمادة "٢٨٣" وهما كفيلتان بردع من لا يرتدع وقد تبلغ العقوبة أحيانًا السجن ثلاثة أعوام ثم يعدد كرومر الصحف الثمان التي تخصصت لابتزاز الأموال والتشهير بذوي المقامات والكل على جميع الموائد، ويذكر أن بعضها قد عوقب على تبذله ثم يقول: "يجب أن لا يظن أن هذه الصحف عنوان للصحافة المصرية فإنها جميعًا قليلة الأهمية وإنها في أساسها إما صحف هزلية أو ساخرة"٢ وبالرغم مما يؤخذ على هذه الصحف مما دعا إلى الضيق بها من كل الجهات فإنها تمثل النكتة المصرية الرائعة والسخرية اللازعة وتعيد مجد أبي نظارة وصاحبها يعقوب بن صنوع.

لم تظهر السياسة الإنجليزية نحو الصحافة إلا في تقرير كرومر عن مصر سنة ١٩٠٦ فقد كان فيها واضحًا كل الوضوع مع أن الصحافة المصرية لم تنل من اهتمامه في سنة ١٩٠٥ إلا ستة أسطر٣ وهو يبدأ حديثه عن حرية الصحافة بأنه كان دائمًا في جانب هذه الحرية، وهو هنا لا يميل إلى ترديد النغم السابق من حيث تقديره لها، فالصحف المصرية في اعتقاده لا تعبر عن الرأي العام


١ مجموعة محاضر جلسات مجلس الشورى القوانين في شهر يونيه ١٩٠٤.
٢ Blue Books ١٩٠٤ p. ٥٩- ٦٠
٣ المصدر السابق ص١٣ عام ١٩٠٥.

<<  <   >  >>