للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اِقْتِنَاعٍ، حَتَّى أَنَّهُ أَعْلَنَ أَنَّ فِرَنْسَا سَتَحْتَلُّ يَوْمًا مَا لُبْنَانَ بِجَيْشِهَا» (١).

ولقد كتب المبشر (هنرى جسب) هذه الجملة في كتابه المطبوع عام ١٩١٠ قبل أن تحتل فرنسا لبنان بثماني سنوات.

والفتن التي أثارها الاستعمار باسم الدين في بلاد العرب خاصة كثيرة جِدًّا، منها فوق ما تقدم، ثورة التياريين في العراق، أو ثورة الأشوريين.

الأثوريون أو الأشوريون: طائفة مسيحية تعيش شمالي العراق. ولكن المؤرخ المدقق السيد عبد الرزاق الحسني يرى أن هؤلاء على الرغم من أنهم يعرفون باسم «الأَشُورِيِّينَ». فإنهم لا صلة لهم بالأشوريين الذين سكنوا العراق قبل الميلاد، بل هم طائفة غريبة دخيلة حاك لها المستعمر هذه الأسطورة (٢) وخلع عليها هذه التسمية.

ولقد تمرد الأشوريون على الدولة العثمانية قبل الحرب العالمية الأولى بإثارة روسيا لهم فأدبتهم الدولة العثمانية وأخرجتهم من بلادها. ولكن ما كادت الحرب العالمية الأولى تنشب حتى تطوع عشرون ألفًا منهم في الجيش الإنجليزي.

«وَلَمَّا اِنْدَلَعَ لَهِيبُ الثَّوْرَةِ العِرَاقيَّةِ الكُبْرَى فِي صَيْفِ ١٩٢٠ وَقَامَ العِرَاقِيُّونَ يُنَادُونَ بِاسْتِقْلاَلِ بِلادِهِمْ، كَانَ التَّيَّارِيُّونَ (الأَشُورِيُّونَ) يُقَاتِلُونَ أَبْنَاءَ البِلاَدِ فِي صُفُوفِ الإِنْجْلِيزْ قِتَالاً مُسْتَمِيتًا وَيَنْتَقِمُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ اِنْتِقامًا صَارِمًا لاَ مُبَرِّرَ لَهُ وَلاَ سَبَبَ» (٣)، وكانوا يتجسسون للعدو على وطنهم (٤). والسيد عبد الرزاق الحسني على حق حينما ذكر أن الإنجليز أرادوا من إسكان التياريين (الأشوريين) في العراق وضع أقلية مسيحية يستغلونها في مقاومة تركيا المسلمة ويهددون بها استقلال القطر العراقي الناشئ (٥).

ولقد وافقه على ذلك (س. م. موريسون)، فجعل تبعة ثورة الأشوريين على عاتق عصبة الأمم أو على عاتق الحكومة البريطانية (٦). ولقد استطاع العراق أن يقضي على كل أمل لهؤلاء التياريين بإنشاء دولة شمالي العراق أو «وطن قومي». ولم تكن إنجلترا تريد من إسكان الأشوريين في العراق إلا ما أرادت من إسكان اليهود في فلسطين. ولما لم تستطع


(١) ibid
(٢) " تاريخ الوزارات العراقية ": ٣/ ١٤٤.
(٣) " تاريخ الوزارات العراقية ": ٣/ ١٤٥.
(٤) " تاريخ العراق السياسي الحديث ": ٣/ ٢٩٤.
(٥) راجع " تاريخ الوزارات العراقية ": ٣/ ١٤٥ وما بعدها.
(٦) MW, Apr. ٣٥, ١٢٨

<<  <   >  >>