للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول له: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى١.

قال في المواهب:

وإن بلالا هانت نفسه عليه -في الله عز وجل- فلم يبال بتعذيبهم وصبر على أذاهم وهان على قومه -أي مواليه- فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد، وزاد مجاهد في قصة بلال، وجعلوا في عنقه حبلا ودفعوه إلى الصبيان يلعبون به حتى أثر الحبل في عنقه ليرجع إلى الكفر، والله يعيذه وحسبه بهذا منقبة٢.

قال -صلى الله عليه وسلم- لبلال: سمعت دف نعليك في الجنة٣.

كان بلال -رضي الله تعالى عنه- يعرف أن ذلك التعذيب ظاهرة طبيعية في حياة الدعوة فنسي جلده الذي يعذب، وسقاه الله شرابا طهورا فارتفعت أحاسيسه فوق سياط الجلادين، وكلما استشاط غيظهم كانت الكلمات الحلوة النورانية تجوب الفضاء، وتتجاوب معها أجواء البيت العتيق: "أحد أحد" فكانت على أسماع الكافرين سياطا أشد لذعا وأقوى إيلاما وأعنف مواجهة.

ويأتي دور الأخوة الإسلامية، ذلكم الرباط المقدس الذي صنعته


١ السيرة لابن هشام ج١ ص٣١٨.
٢ شرح المواهب ج١ ص٢٦٧، الدر ص٤٤.
٣ فتح الباري ج٨ ص١٠٠.

<<  <   >  >>