ومنها أن قارئه لايمله، وسامعه لايمجه، بل الإكباب على تلاوته يزيد حَلَاوَةً وَتَرْدِيدُهُ يُوجِبُ لَهُ مَحَبَّةً وَغَيْرُهُ مِنَ الْكَلَامِ يُعَادَى إِذَا أُعِيدَ وَيُمَلُّ مَعَ التَّرْدِيدِ وَلِهَذَا وَصَفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ بِأَنَّهُ لَا "يَخْلَقُ عَلَى كثرة الرداد"
وَمِنْهَا جَمْعُهُ لِعُلُومٍ وَمَعَارِفَ لَمْ يَجْمَعْهَا كِتَابٌ مِنَ الْكُتُبِ وَلَا أَحَاطَ بِعِلْمِهَا أَحَدٌ فِي كَلِمَاتٍ قَلِيلَةٍ وَأَحْرُفٍ مَعْدُودَةٍ
قَالَ: وَهَذَا الْوَجْهُ دَاخِلٌ فِي بَلَاغَتِهِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يُعَدَّ فَنًّا مُفْرَدًا فِي إِعْجَازِهِ قَالَ وَالْأَوْجُهُ الَّتِي قبله تُعَدُّ فِي خَوَاصِّهِ وَفَضَائِلِهِ لَا إِعْجَازِهِ وَحَقِيقَةُ الْإِعْجَازِ الْوُجُوهُ الْأَرْبَعَةُ الْأُوَلُ فَلْيُعْتَمَدْ عَلَيْهَا انْتَهَى.
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ: اخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْمُعْجِزِ مِنَ الْقُرْآنِ فَذَهَبَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ وَالْآيَتَانِ السَّابِقَتَانِ تَرُدُّهُ
وَقَالَ الْقَاضِي: يتعلق الإعجاز بسورة طويلة كانت أَوْ قَصِيرَةٍ تَشَبُّثًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ: {بِسُورَةٍ}
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يَتَعَلَّقُ بِسُورَةٍ أَوْ قَدْرِهَا مِنَ الْكَلَامِ بِحَيْثُ يَتَبَيَّنُ فِيهِ تُفَاضُلُ قُوَى الْبَلَاغَةِ قَالَ فَإِذَا كَانَتْ آيَةٌ بِقَدْرِ حُرُوفِ سُورَةٍ وَإِنْ كَانَتْ كَسُورَةِ الْكَوْثَرِ فَذَلِكَ مُعْجِزٌ
قَالَ وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى عَجْزِهِمْ عَنِ الْمُعَارَضَةِ فِي أَقَلَّ مِنْ هَذَا الْقَدْرِ
وَقَالَ قَوْمٌ لَا يَحْصُلُ الْإِعْجَازُ بِآيَةٍ بَلْ يُشْتَرَطُ الْآيَاتُ الْكَثِيرَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute