للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}

التَّنْبِيهُ الثَّانِي: مِنْ مُشْكِلَاتِ الْفَوَاصِلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فَإِنَّ قَوْلَهُ: "وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ" يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْفَاصِلَةُ "الْغَفُورَ الرَّحِيمَ" وَكَذَا نُقِلَتْ عَنْ مُصْحَفِ أُبَيٍّ وَبِهَا قَرَأَ ابْنُ شَنْبُوذَ وَذُكِرَ فِي حِكْمَتِهِ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لِمَنْ اسْتَحَقَّ الْعَذَابَ إِلَّا مَنْ لَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ يَرُدُّ عَلَيْهِ حُكْمَهُ فَهُوَ الْعَزِيزُ أَيِ الْغَالِبُ وَالْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي يَضَعُ الشَّيْءَ فِي مَحَلِّهِ وَقَدْ يَخْفَى وَجْهُ الْحِكْمَةِ عَلَى بَعْضِ الضُّعَفَاءِ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ فَيَتَوَهَّمُ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ فِي الْوَصْفِ بِالْحَكِيمِ احْتِرَاسٌ حَسَنٌ أَيْ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ مَعَ اسْتِحْقَاقِهِمُ الْعَذَابَ فَلَا مُعْتَرَضَ عَلَيْكَ لِأَحَدٍ فِي ذَلِكَ وَالْحِكْمَةُ فِيمَا فَعَلْتَهُ

وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ: {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وَفِي سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ: {وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وَفِي غَافِرٍ: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وَفِي النُّورِ: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} فَإِنَّ بَادِئَ الرَّأْيِ يَقْتَضِي "تَوَّابٌ رَحِيمٌ" لِأَنَّ الرَّحْمَةَ مُنَاسِبَةٌ لِلتَّوْبَةِ لَكِنْ عَبَّرَ بِهِ إِشَارَةً إِلَى فَائِدَةِ مَشْرُوعِيَّةِ اللِّعَانِ وَحِكْمَتِهِ وَهِيَ السِّتْرُ عَنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ الْعَظِيمَةِ

وَمِنْ خَفِيِّ ذَلِكَ أيضا قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>