للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي الضَّوْءِ دَلَالَةٌ عَلَى النُّورِ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْهُ فَعَدَمُهُ يُوجِبُ عَدَمَ الضَّوْءِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَالْقَصْدُ إِزَالَةُ النُّورِ عَنْهُمْ أَصْلًا وَلِذَا قَالَ عَقِبَهُ: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ}

وَمِنْهُ: {لَيْسَ بِي ضَلالةٌ} وَلَمْ يَقُلْ"ضَلَالٌ"كَمَا قَالُوا: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ} لِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْهُ فَكَانَ أَبْلَغَ فِي نَفْيِ الضَّلَالِ وَعُبِّرَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ نَفْيَ الْوَاحِدِ يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الْجِنْسِ الْبَتَّةَ وَبِأَنَّ نَفْيَ الْأَدْنَى يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الْأَعْلَى

وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ} وَلَمْ يَقُلْ: "طُولُهَا"لِأَنَّ الْعَرْضَ أَخَصُّ إِذْ كَلُّ مَا لَهُ عَرْضٌ فَلَهُ طُولٌ وَلَا يَنْعَكِسُ وَنَظِيرُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّ نَفْيَ الْمُبَالَغَةِ فِي الْفِعْلِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ أَصْلِ الْفِعْلِ وَقَدْ أُشْكِلَ عَلَى هَذَا آيَتَانِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} وَقَوْلُهُ: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً}

وَأُجِيبُ عَنِ الْآيَةِ الْأُولَى بِأَجْوِبَةٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ"ظَلَامًا"وَإِنْ كَانَ لِلْكَثْرَةِ لَكِنَّهُ جِيءَ بِهِ فِي مُقَابَلَةِ"الْعَبِيدِ"الَّذِي هُوَ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَيُرَشِّحُهُ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} فَقَابَلَ صِيغَةَ"فَعَّالٍ"بِالْجَمْعِ وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {عَالِمُ الْغَيْبِ} فَقَابَلَ صِيغَةَ فَاعِلٍ الدَّالَّةَ عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ بِالْوَاحِدِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ نَفَى الظُّلْمَ الْكَثِيرَ لِيَنْتَفِيَ الْقَلِيلُ ضَرُورَةً لِأَنَّ الَّذِي يَظْلِمُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>