النَّفْيِ وَلِهَذَا يُنْفَى بِهَا فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ فيُقَالُ لَمْ يَفْعَلْ زَيْدٌ وَلَا عَمْرٌو وَأَمَّا"لَمَّا"فَتَرْكِيبٌ بَعْدَ تَرْكِيبٍ كَأَنَّهُ قَالَ لَمْ وما لِتَوْكِيدِ مَعْنَى النَّفْيِ فِي الْمَاضِي وَتُفِيدُ الِاسْتِقْبَالَ أَيْضًا وَلِهَذَا تُفِيدُ"لَمَّا"الِاسْتَمْرَارَ.
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ: زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ النَّفْيِ عَنِ الشيء صحة اتصاف الْمَنْفِيِّ عَنْهُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} وَنَظَائِرُهُ وَالصَّوَابُ أَنَّ انْتِفَاءَ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُ مِنْهُ عَقْلًا وَقَدْ يَكُونُ لِكَوْنِهِ لَا يَقَعُ مِنْهُ مَعَ إِمْكَانِهِ.
الثَّانِي: نَفْيُ الذَّاتِ الْمَوْصُوفَةِ قَدْ يَكُونُ نَفْيًا لِلصِّفَةِ دُونَ الذَّاتِ وَقَدْ يَكُونُ نَفْيًا لِلذَّاتِ أَيْضًا مِنَ الْأَوَّلِ: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} أَيْ بَلْ هُمْ جَسَدٌ يَأْكُلُونَهُ وَمِنَ الثَّانِي {لَا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} أَيْ لَا سُؤَالَ لَهُمْ أَصْلًا فَلَا يَحْصُلُ مِنْهُمْ إِلْحَافٌ، {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} أَيْ لَا شَفِيعَ لَهُمْ أَصْلًا {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} أَيْ لَا شَافِعِينَ لَهُمْ فَتَنْفَعُهُمْ شَفَاعَتُهُمْ بِدَلِيلِ {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} وَيُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ عِنْدَ أَهْلِ الْبَدِيعِ نَفْيَ الشَّيْءِ بِإِيجَابِهِ وَعِبَارَةُ ابْنِ رَشِيقٍ فِي تَفْسِيرِهِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ ظَاهِرُهُ إِيجَابُ الشَّيْءِ وَبَاطِنُهُ نَفْيُهُ بِأَنْ يَنْفِيَ مَا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute