للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: معرفة خاصة: وهي تقتضي محبته لعبده وتقريبه إليه وإجابة دعائه، وإنجاءه من الشدائد، وهي المشار إليها بقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربه: " ... ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه" (١) إلى أن قال: "وفي الجملة فمن عامل الله بالتقوى والطاعة في حال رخائه عامله الله باللطف والإعانة في حال شدته" (٢).

وقال أيضًا رحمه الله تعالى عند قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة".

يعني أن العبد إذا اتقى الله وحفظ حدوده وراعى حقوقه في حال رخائه، فقد تعرف بذلك إلى الله، وصار بينه وبين ربه معرفة خاصة، فعرفه ربه في الشدة، ورعى له تعرفه إليه في الرخاء، فنجاه من الشدائد بهذه المعرفة، وهذه المعرفة خاصة تقتضي قرب العبد من ربه ومحبته له وإجابته لدعائه (٣).

وقد بيّن الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى مراتب معرفة الله تعالى فقال: من الناس من يعرف الله بالجود والإفضال والإحسان، ومنهم من يعرفه بالعفو والحلم والتجاوز، ومنهم من يعرفه بالبطش والانتقام، ومنهم من يعرفه بالعلم والحكمة، ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء، ومنهم من يعرفه بالرحمة والبر واللطف، ومنهم من يعرفه بالقهر والملك، ومنهم من يعرفه بإجابة دعوته، وإغاثة لهفته وقضاء حاجته.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع (٧/ ١٩٠).
(٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ٩١، ٩٢، ٩٣).
(٣) المصدر السابق (٢/ ٩٠).

<<  <   >  >>