الشديد، عن نقب الأبراج ونقض الأحجار، فهيلت الكثبان، وأبيد الشّيب والشّبّان، وكسرت الصلبان، وفجع بهدم «١» الكنائس الرّهبان، وأهبطت النّواقيس من مراقيها العالية، وصروحها المتعالية، وخلعت ألسنتها الكاذبة، ونقل ما استطاعته الأيدي المجاذبة «٢» ، وعجزت عن الأسلاب ذوات الظّهور، وجلّل الإسلام شعار العزّ «٣» والظّهور، بما خلت عن مثله سوالف الدهور «٤» ، والأعوام والشهور، وأعرست الشهداء بالحور، ومنّوا «٥» النفوس المبيعة من الله بحلّ «٦» الصدقات الصّادقة «٧» والمهور. ومن بعد ذلك هدم السور، ومحيت من «٨» مختطّه «٩» المحكم السطور، وكاد يسير ذلك الجبل الذي اقتعدته تلك «١٠» المدينة ويدكّ ذلك الطّور. ومن بعد ما خرب الوجار، وعقرت «١١» الأشجار، عفّر «١٢» المنار، وسلّطت على بنات التراب والماء «١٣» النّار، وارتحل عنها المسلمون وقد عمّتها المصائب، وأصمى لبّتها «١٤» السّهم الصّائب، وظلّلتها «١٥» القشاعم العصائب، فالذّئاب في الليل البهيم تعسل «١٦» ، والضّباع من الحدب البعيد تنسل، وقد ضاقت الجدل عن المخانق، وبيع العرض الثمين بالدّانق، وسبكت أسورة الأسوار، وسوّيت الهضاب بالأغوار، واكتسحت الأحواز القاصية سرايا الغوار «١٧» ، وحجبت بالدخان مطامع الأنوار، وتخلّفت قاعتها عبرة للمعتبرين، وعظة للناظرين، وآية للمستبصرين، ونادى لسان الحميّة، يا لثارات الإسكندرية، فأسمع آذان المقيمين والمسافرين، وأحقّ الله الحقّ بكلماته وقطع دابر الكافرين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute