صاعد ونازل وأنفاسه قيام، والنفس تسرح في كل واد، وترى ما تراه من الرؤيا، فإذا أذن الله في ردها إلى الجسد عادت واستيقظ بعودتها جميع أعضاء الجسد وحرّك السمع والبصر وغيرهما من الأعضاء، قال: والنفس غير الروح، والروح كالماء الجاري في الجنان، فإذا أراد الله إفساد ذلك البستان منع منه الماء الجاري فيه فماتت حياته، كذلك الإنسان، قال أبو عمر، والله أعلم بالصحيح، وما ذكرناه من الحجج فليس بحَجة واضحة، ولا هو مما يقطع بصحته، لأنه ليس فيه خبر صحيح يقطع العذر، ويوجب الحجة، ولا هو مما يدرك بقياس، ولا استنباط، بل العقول تعجز عن علم ذلك، وقد تضع العرب النفس موضع الروح، والروح موضع النفس، فيقولون: خرجت نفسه وفاضت نفسه، وخرجت روحه، إما لأنهما شيء واحد، أو لأنهما شيئان متصلان لا يقوم أحدهما دون الآخر، وقد يسمون الجسد نفساً، ويسمون الدم نفساً، ويسمون الدم جسداً، قال النابغة:
وما أريق على الأنصاب من جسد
يريد من دم.
وقال ذو الرمة، فجعل الجسد نفسًا:
يا قابض الأرواح من نفس إذا احتضرت … وغافر الذنب زحزحني عن النار
وقال آخر:
تسيل على حدّ الظبات نفوسنا … وليست على غير السيوف تسيل
ويقال للنفس نسمة قال - عليه السلام - إنّما نسمة المؤمن طائر يعني روحه، وذكر الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده في كتاب معرفة الروح، والنفس، تأليفه: إنّ بعضهم قال: أرواح الخلق كلّها مخلوقة، وهو مذهب أهل الجماعة والأثر، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: الأرواح جنود مجندة، وقال بعضهم: