صرف المطلب، وولى العباس بن موسى بن عيسى في شوّال، فولي عبد العزيز الشرطة، فلما ثار الجند وأعادوا المطلب في المحرّم سنة تسع وتسعين، هرب الجرويّ إلى تنيس، وأقبل العباس بن موسى بن عيسى من مكة إلى الحوف، فنزل ببلبيس، ودعا قيسا إلى نصرته، ثم مضى إلى الجرويّ بتنيس، فأشار عليه أن ينزل دار قيس، فرجع إلى بلبيس في جمادى الآخرة، وبها مات مسموما في طعام دسه إليه المطلب على يد قيس، فدان أهل الأحواف للمطلب، وبايعوه، وسارعوا إلى جب عميرة وسالموه عند ما لقوه، وبعث إلى الجرويّ يأمره بالشخوص إلى الفسطاط فامتنع من ذلك، وسار في مراكبه حتى نزل شطنوف، فبعث إليه المطلب السريّ بن الحكم في جمع من الجند يسألونه الصلح، فأجابهم إليه، ثم اجتهد في الغدر بهم، فتيقظوا له، فمضى راجعا إلى بنا، فاتبعوه وحاربوه.
ثم عاد، فدعاهم إلى الصلح ولاطف السريّ، فخرج إليه في زلاج وخرج الجرويّ في مثله، فالتقيا في وسط النيل مقابل سندفا، وقد أعدّ الجرويّ في باطن زلاجة الحبال، وأمر أصحابه بسندفا إذا لصق بزلاج السريّ، أن يجرّوا الحبال إليهم، فلصق الجرويّ بزلاج السريّ، فربطه في زلاجه، وجرّ الحبال، وأسر السريّ، ومضى به إلى تنيس، فسجنه بها، وذلك في جمادى الأولى، ثم كرّ الجرويّ وقاتل، فلقيه جموع المطلب بسفط سليط في رجب، فظفر، ولما عزل عمر بن ملاك عن الإسكندرية، ثار بالأندلسيين، ودعا للجرويّ، فأقبل عبد الله بن موسى بن عيسى إلى مصر طالبا بدم أخيه العباس في المحرّم سنة مائتين، فنزل على عبد العزيز الجرويّ، فسار معه في جيوش كثيرة العدد في البرّ والبحر حتى نزل الجيزة، فخرج إليه المطلب في أهل مصر، فحاربوه في صفر، فرجع الجرويّ إلى شرقيون، ومضى عبد الله بن موسى إلى الحجاز، وظهر المطلب على أنّ أبا حرملة فرجا الأسود، هو الذي كاتب عبد الله بن موسى، وحرّضه على المسير، فطلبه ففرّ إلى الجرويّ، وجدّ المطلب في أمر الجرويّ، فأخرج الجرويّ السريّ بن الحكم من السجن، وعاهده وعاقده على أن يثور بالمطلب ويخلعه، فعاهده السريّ على ذلك فأطلقه، وألقى إلى أهل مصر أنّ كتاب ورد بولايته فاستقبله الجند من أهل خراسان، وعقدوا له عليهم وامتنع المصريون من ولايته، فنزل داره بالحمراء، وأمدّه قيس بجمع منهم وحارب المصريين فهزمهم، وقتل منهم، فطلب المطلب منه الأمان، فأمنه، وخرج من مصر.
واستبدّ السريّ بن الحكم، بأمر مصر في مستهل شهر رمضان «١» ، فلما قتل الأندلسيون، عمر بن ملاك بالإسكندرية، سار إليها الجرويّ في خمسين ألفا، فبعث السريّ إلى تنيس بعثا، فكرّ الجرويّ راجعا إلى تنيس في محرّم سنة إحدى ومائتين، فلما ثار الجند بالسريّ في شهر ربيع الأوّل، وبايعوا سليمان بن غالب، قام عباد بن محمد عليه وخلعه،