للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والليث منتشر المخالب فاغر ... يختال في جبرية وفتوك١

جاث يخاف النيل من غدراته ... بأساء يوم بالخطوب عتيك٢

يا مصر مالك غير أهلك فتنة ... في الله ما لاقيت من أهليك

ما أنت بالبلد الشقي وإنما ... جلب الشقاء على بنيك بنوك

فتنتهم الدنيا فلما استيأسوا ... منها على أهوائهم فتنوك

فهل رأيت وصفًا أدق من هذا الوصف لتلك الحالة المزرية التي آلت إليها مصر على يد المتزعمين فيها، وهم يرمون بالخطب الطويلة، وكلها خطرات أرعن، أو سباب أفيك كذاب، والكتاب يزورون مقالات زائفة يحررها أحد رجلين، إما شخص سفيه الرأي، أو مرتبك لا يدري وجه الصواب، وقد ترك الجميع البلاد في هوان وذلة عليها ثياب الحداد وخزي الاستعمار، وقد أذكى العداوة بينهم خطل السفيه، وتزعم المأفوك، بينما العداوات الصغيرة والحزازات الوضعية سبب بلائها ومصدر شقائها، وقد رد على حافظ إبراهيم حين قال:

فما أنت يا مصر دار الأديب ... وما أنت بالبلد الطيب

فمصر عند عبد المطلب ليست بالبلد الشقي، وإنما جلب الشقاء عليها بنوها الذين يعتسفون الطريق، ولا يعرفون كيف يتحدون فيما بينهم على الأهداف الواضحة، ويدعون عدوهم يعيث في البلاد فسادًا، ويشغلون بتوافه الأمور، وبحزازاتهم الشخصية عن تنغيص مقامه عليه، وطرده من بلادهم لأنهم قد:

فتنتهم الدنيا فلما استيأسوا ... منها على أهوائهم فتنوك

وقد أولع عبد المطلب بوصف بعض المخترعات الحديثة كالطيارة، والقطار، والباخرة، وكأنه شعر بأنه لن يكون شاعرًا مكتمل الشاعرية، ممثلًا لعصره أتم التمثيل إلا إذا وصف هذه المخترعات، وهو الذي ينعته النقاد بالشاعر المبتدئ والشاعر المقلد، فأراد أن يبرهن على أنه على الرغم من نزوعه إلى القديم في


١ جبرية: مصدر بمعنى القوة.
٢ العتيك: الشديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>