بلاد بها ينسى الغريب بلاده … ويسلو أهاليه مع الصحاب والرهط
بلاد بها روض المسرة فائح … وبدر علاها لا يميل إلى حط
يضوع بها ضوع المسرة عابقًا … وتنهل مزن البشر فيها بلا قنط
تكنفها الجنات من كل جانب … فأربى الشذا فيها على المسك والقسط
وكم نهر فيها يجوس خلالها … وكم جدول ينساب في الدر كالرقط
وكم من مزارات بها ومشاهد … يلوح سناها للمصيب وللمخطي
وكم ماجد فيها وكم عالم بها … تجربه ذيلا على زبة القرط
وكم صالح قد حل في فيح سوحها … به يستقي غيث السماء إذا يبطئ
أخا الحزم يمم نجوها واثو عدنها … وجزلجها وأهبط ببحبوحة الشط
تجد مستناخًا آهلا ومبوأ … رحيبًا وقومًا فضلهم جل عن ضبط
بهم سارت الركبان في كل وجهة … وطيب ثناهم قد دعا الناس للغبط
أناس تراهم لا تتوق نفوسهم … لغير العلى من غير شوب ولا خلط
وهمتهم غرس المكارم في الورى … وكسب المعالي والتقصي عن الرمط
وكم أسسوا آثار فضل ومهدوا … قواعد بر بدرها غير منحط
ولم تلق فيهم غير بر وماجد … وذلك دأب للشباب وللشمط
تنبه كل للمراد من الدنا … فسارع في مرضاة خالقه المعطي
ولم يثنهم عن منهج الرشد صارف … ولا غرت الدنيا بشيل ولا حط
ولا نظروا شذرًا ولا أثروا بها … ولا اشتغلوا بالثلب والطعن والغمط
نواديهم بالعلم والذكر حية … وأرقابهم عن منتمى الخير لا تخطي
وسيرتهم بين الأنام حميدة … ومنهجهم جار على منهج القسط
ومنزلهم مأوى الكرامة دائمًا … وشأنهم يرضي الإله بلا سخط
وما الشام إلا مقلة هم سوادها … وسمط لال هم فرائد في السمط
وما الشام في البلدان إلا قصيدة … وهم بيتها أكرم بالآباء والسبط
أدام إلهي فضلهم متضاعفًا … ورشحهم بالأيد والفضل والبسط
وصانهم من كلّ كرب وآفة … ومن شر ذي ومن كيد ذي ضغط