يروى برفع ربع على أنه فاعل شجاك أي أحزنك، وأظن لغو وبنصبه على أنه مفعول أول لأظن، وشجاك المفعول الثاني مقدم. الثانية أن يتأخر عنهما والإلغاء حينئذ أرجح كقوله:
٣٤٥- آت الموت تعلمون فلا ير ... هبكم من لظى الحروب اضطرام
الثالثة أن يتقدم عليهما ولا يبتدأ به بل يتقدم عليه شيء نحو متى ظننت زيدًا قائمًا والأعمال حينئذ أرجح. وقيل واجب. ولا يجوز إلغاء المتقدم خلافًا للكوفيين والأخفش
ــ
التزام واحد بعينه من الرفع والنصب وهو كلام صحيح لا ينبغي أن يقع فيه خلاف بين بصري وكوفي. وأما قول المصنف في تسهيله وإلغاء ما بين الفعل ومرفوعه جائز لا واجب خلافا للكوفيين فالظاهر عندي أن مراده بمرفوع الفعل ما يصلح مرفوعا له لا المرفوع له بالفعل، وكيف يدّعي أحد جواز الإلغاء مع فرض ما قبل العامل فعلا وما بعده مرفوعا به على الفاعلية. وبما ذكرناه يعلم ما في كلام البعض فافهم ولا تغفل. قوله:"وأظن لغو" فهو مع فاعله جملة معترضة كما في المغني والجملة المعترضة تقع بين الفعل وفاعله والمبتدأ وخبره فاعتراض البعض بأنه يلزم على الإلغاء المذكور الفصل بين الفعل ومرفوعه بأجنبي مدفوع.
قوله:"وشجاك المفعول الثاني" أي جملة في محل نصب مفعول ثان وجعل الدماميني وغيره شجا في البيت اسما مضافا إلى الكاف لا فعلا ماضيا، والشجا الحزن. والمعنى أن سبب حزنك ربع الأحبة الظاعنين أي المرتحلين باعتبار ما تثيره عندك رؤيته خاليا منهم من لوعة الفراق وتذكر أوقات الأنس الفائتة. قوله:"أن يتأخر عنهما" وجملته حينئذٍ استئنافية كما في المغني. قوله:"فلا يرهبكم" بفتح الياء والهاء أو بضم الياء وكسر الهاء أي يخفكم اضطرام أي اشتعال. قوله:"بل يتقدم عليه شيء" أي سواء صلح لأن يكون معمول الخبر كمتى في المثال أو لم يصلح كأني في البيت الآتي كما يدل عليه قول الشارح الآتي نعم يجوز إلخ. وإنما جوّز تقدم ذلك الإلغاء لتنزيله منزلة تقدم معمول الفعل وفي كلام شيخنا وغيره تقييد الشيء المتقدم بأن لا يكون معمولا للفعل فإن كان معمولا له كمتى في المثال إن جعل معمولا للفعل لا للخبر امتنع الإلغاء عند البصريين لأن المتقدم على ظن حينئذٍ معمولها فهي في الحقيقة في الابتداء بخلاف معمول الخبر لأنه أجنبي من الفعل إذ معمول المعمول ليس بمعمول. قوله:"وقيل واجب" لأن العبرة في الابتداء بالفعل بوقوعه قبل المفعولين وإن سبقه شيء غيرهما. قوله:"ولا يجوز إلغاء المتقدم" هذا بيان لمفهوم قوله لا في الابتداء ودخول على المتن، والمراد المتقدم على المفعولين وغيرهما بأن لا يتقدم عليه شيء كما يدل عليه كلامه قبل لكن ينافيه تمثيله بعد لموهم إلغاء المتقدم بالبيتين الآتيين لأن الفعل فيهما مسبوق بشيء وإنما يكون هذا التمثيل مناسبا
٣٤٥- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص٤٤٥؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٤٠٢.