للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والجمع والتأنيث بحسب ما يراد به من المعنى، فقيل عندي رجلان آخران ورجال آخرون وامرأة أخرى ونساء أخر، فكل من هذه الأمثلة صفة معدولة عن آخر, إلا أنه لم يظهر أثر الوصفية والعدل إلا في أخر؛ لأنه معرب بالحركات بخلاف آخران وآخرون، وليس فيه ما يمنع من الصرف غيرهما بخلاف أخرى فإن فيها أيضًا ألف التأنيث. فلذلك خص أخر بنسبة اجتماع الوصفية والعدل إليه وإحالة منع الصرف إليه، فظهر أن المانع من صرف أخر كونه صفة معدولة عن آخر مرادًا به جمع المؤنث؛ لأن حقه أن يستغنى فيه بأفعل عن فعل؛ لتجرده من أل, كما يستغنى بأكبر عن كبر في قولهم: رأيتها مع نساء أكبر منها.

تنبيهان: الأول قد يكون أخر جمع أخرى بمعنى آخرة فيصرف لانتفاء العدل؛ لأن مذكرها آخر بالكسر بدليل: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} [النجم: ٤٧] ، {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ} [العنكبوت: ٢٠] ، فليست من باب أفعل التفضيل, والفرق بين أخرى أنثى آخر وأخرى بمعنى آخرة أن تلك لا تدل على الانتهاء ويعطف عليها مثلها من جنسها، نحو: جاءت امرأة أخرى وأخرى، وأما أخرى بمعنى آخرة فتدل على الانتهاء, ولا يعطفع عليها مثلها من جنس واحد وهي المقابلة لأولى في قوله تعالى: {قَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ} [الأعراف: ٣٩] ، إذا عرفت ذلك فكان ينبغي أن يحترز عن هذه كما فعل في الكافية فقال:

ــ

المضاف إليه لا يحذف إلا إذا جاز إظهاره, ولا يجوز إظهاره هنا نقله الدماميني عن الرضي. وانظر وجه عدم جواز إظهاره, ولعله كونه يؤدي إلى وصف النكرة بالمعرفة في نحو: مررت بنساء ونساء أخر لكن يرد أنه بمعنى مغايرات فلا تفيده الإضافة تعريفًا, إلا أن يقال كونه بمعناه لا يقتضي أنه في حكمه من كل وجه فتأمل. قوله: "عن لفظ آخر" فيه إقامة الظاهر مقام المضمر إذ المعنى عدل في تجرد آخر عن لفظه إلى لفظ المثنى والمجوع والمؤنث. زكريا ولعل نكتة الإظهار طول الفصل. قوله: "لم يظهر أثر إلخ" فيه دلالة ظاهرة على أن جميع هذه الصيغ توصف بمنع الصرف, وإن لم يظهر أثره إلا في المعرب بالحركات فمنع الصرف عنده لا يختص بالمعرب بالحركات بل بالمختص به ظهور أثره كذا في سم. قوله: "فإن فيها أيضًا ألف التأنيث" أي: وهي تستقل بالمنع فاعتبرت؛ لأنها أوضح من الوصفية والعدل كما في زكريا. قوله: "مرادًا به جمع المؤنث" حال من آخر بفتح الهمزة, وفي هذا القيد دفع لما أورد من أن آخر يصلح للواحد والمثنى والجمع وأخر لا يصلح إلا للجمع فكيف يكون معدولًا عنه, ووجه الدفع أنه معدول عن آخر بمعنى الجماعة لا مطلقًا. قوله: "بدليل وأن عليه إلخ" مرتبط بقوله: بمعنى آخرة, ووجه الدلالة أنه وصف النشأة في هذه الآية بالأخرى وبالآخرة في الآية الثانية, وذلك يدل على أن معناهما واحد. قوله: "والفرق" أي: من جهة المعنى. قوله: "مثلها من جنسها" فلا يقال عندي رجل وحمار آخر ولا إمرأة أخرى, كذا قال شيخنا, فالمراد بالجنس الصنف. قوله: "ولا يعطف عليها مثلها" لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>