بناء يخص المؤنث، وأنهما لا تلحقهما التاء فلا يقال: سكرانة كما لا يقال: حمراءة مع أن الأول من كل من الزيادتين ألف. والثاني حرف يعبر به عن المتكلم في أفعل ونفعل فلما اجتمع في نحو: سكران المذكور الفرعيتان امتنع من الصرف. وإنما لم تكن الوصفية فيه وحدها مانعة من أن في الصفة فرعية في المعنى كما سبق وفرعية في اللفظ وهي الاشتقاق من المصدر لضعف فرعية اللفظ في الصفة؛ لأنها كالمصدر في البقاء على الاسمية والتنكير، ولم يخرجها الاشتقاق إلى أكثر من نسبة معنى الحدث فيها إلى الموصوف والمصدر بالجملة صالح لذلك كما في رجل عدل ودرهم ضرب الأمير، فلم يكن اشتقاقها من المصدر مبعدًا لها عن معناه، فكان كالمفقود فلم يؤثر، ومن ثم كان نحو: عالم وشريف مصروفًا مع تحقق ذلك فيه، وكذا إنما صرف نحو: ندمان مع وجود الفرعيتين لضعف فرعية اللفظ فيه من جهة أن الزيادة فيه لا تخص المذكر وتلحقه التاء في المؤنث نحو: ندمانة فأشبهت الزيادة فيه بعض الأصول في لزومها في حالتي التذكير والتأنيث وقبول علامته، فلم يعتد بها. ويشهد لذلك أن قومًا من العرب وهم بنو أسد يصرفون كل صفة على فعلان؛ لأنهم يؤنثونه بالتاء, ويستغنون فيه بفعلانة عن فعلى، فيقولون: سكرانة وغضبانة وعطشانة، فلم تكن الزيادة عندهم شبيهة بألفي حمراء فلم تمنع من الصرف. الثاني فهم من قوله: زائدًا فعلان أنهما لا يمنعان في غيره من الأوزان كفعلان بضم الفاء
ــ
الثانية همزة وقيل: إن الأولى للتأنيث والثانية مزيدة للفرق بين مؤنث أفعل ومؤنث فعلان ورد بأنه يفضي إلى وقوع علامة التأنيث حشوًا ا. هـ. زكريا ويمكن دفع الاعتراض بجعل الإضافة في قوله: لألفي التأنيث بالنسبة إلى الألف الأولى لأدنى ملابسة. قوله:"والثاني" أي: من كل منهما وذلك الثاني هو الهمزة في نحو: حمراء والنون في نحو: سكران. قوله:"كما سبق" أي: من أن الصفة فرع الجامد.
قوله:"والمصدر بالجملة صالح لذلك" أي: لما ذكر من نسبة الحدث إلى الموصوف إذا وقع نعتًا أم حالًا أو خبرًا وإنما قال بالجملة؛ لأن المصدر لا يصلح لذلك إلا بالتأويل. قوله:"عن معناه" أي: المصدر وقوله: فكان أي: اشتقاق الصفة. قوله:"ومن ثم" أي: من أجل كون الاشتقاق فيما ذكر غير مؤثر لضعفه المتقدم بيانه كان نحو: إلخ. قوله:"مع تحقق ذلك" أي: ما ذكر من فرعية اللفظ وفرعية المعنى. قوله:"إنما صرف نحو: ندمان" بمعنى المنادم. قوله:"لا تخص المذكر" لوجودها مع المؤنث كندمانة. قوله:"في لزومها إلخ" فيه نشر على ترتيب اللف؛ لأن اللزوم راجع إلى قوله: لا تخص المذكر وقبول علامة التأنيث راجع إلى قوله: وتلحقه التاء في المؤنث. قوله:"ويشهد لذلك" أي: لكون صرف نحو: ندمان لضعف فرعية اللفظ فيه من الجهة المتقدمة وهذا أوضح مما ذكره شيخنا والبعض. قوله:"فلم تكن الزيادة عندهم شبيهة بألفي حمراء" أي: في الاختصاص بواحد من المذكر والمؤنث وفي عدم لحوق التاء.