للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لمعناها إلى ما بعدها، وعلى ذلك فيصح ما زيد قائمًا بل قاعدًا وبل قاعد، ويختلف المعنى. قال الناظم: وما جوزاه مخالف لاستعمال العرب: ومنع الكوفيون أن يعطف بها بعد غير النفي وشبهه ومنعهم ذلك مع سعة روايتهم دليل على قلته. ولا بد لكونها عاطفة من إفراد معطوفها كما رأيت، فإن تلاها جملة كانت حرف ابتداء لا عاطفة على الصحيح. وتفيد حينئذ إضرابًا عما قبلها إما على جهة الإبطال نحو: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: ٢٦] ، أي: بل هم عباد ونحو: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ} [المؤمنون: ٧٠] ، وإما على جهة الانتقال من غرض إلى آخر نحو: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [الأعلى: ١٤] ، {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ، بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا} [المؤمنون: ٦٢] ، وادعى الناظم في شرح الكافية أنها لا تكون في القرآن إلا على هذا الوجه, والصواب ما تقدم.

تنبيهان: الأول لا يعطف ببل بعد الاستفهام؛ فلا يقال أضربت زيدًا بل عمرًا ولا نحوه. الثاني: تزاد قبلها لا لتوكيد الإضراب عن جعل الحكم للأول بعد الإيجاب كقوله:

ــ

النفي المنتقض بعدهما نحو:

وما أصاحب من قوم فأذكرهم ... إلا يزيدهم حبا إليّ هم

قوله: "وبل قاعد" أي: على أن قاعد خبر مبتدأ محذوف أي: بل هو قاعد. قوله: "ويختلف المعنى" لأن النصب يقتضي انتفاء القعود والرفع يقتضي ثبوته. قوله: "ومنع الكوفيون إلخ" تورك على النظم بأنه يوهم كثرة العطف ببل في الخبر المثبت والأمر الجلي؛ لأنه ذكره مع العطف بها بعد النفي والنهي من غير تفصيل فتأمل. قوله: "وشبهه" هو النهي. قوله: "وتفيد حينئذٍ" أي: حين إذ تلاها جملة وكلامه يفيد أنها في حال عطفها المفرد ليست للإضراب.

قال شيخنا: وفي شرح الفارضي خلافه ا. هـ. وفي المغني أنها للإضراب في الأمر والإيجاب. قوله: "نحو: وقالوا {اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَه} إلخ" أي: فبل في نحو ذلك للإضراب الإبطالي بناء على المضرب عنه المقول بالميم، أما إذا كان المضرب عنه القول فالإضراب انتقالي إذ الإخبار بصدور ذلك منهم ثابت لا يتطرق إليه الإبطال. قوله: "والصواب ما تقدم" أجيب عن الناظم بحمل كلامه على أنها لا تكون في القرآن بيقين إلا على وجه الانتقال, والآيتان الأوليان ليست بل فيهما للإضراب الإبطالي بيقين لاحتمال أنها للإضراب عن القول فتكون انتقالية كما مر. قوله: "الأول إلخ" هذا التنبيه يستفاد من النظم. قوله: "لا يعطف ببل" مثلها لكن ولا على ما مر.

قوله: "ولا نحوه" بالرفع أي: نحو: هذا التركيب نحو: هل ضربت زيدًا بل عمرًا. قوله: "تزاد قبلها لا" المراد بزيادتها كونها لا للعطف ولا لنفي ما بعدها كما قاله الشمني فلا ينافي أنها نافية للإيجاب قبلها. قوله: "لتوكيد الإضراب عن جعل الحكم للأول بعد الإيجاب" اعلم أن لا بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>