للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومِثل أو القَصْد إما الثانِيَه ... في نحو إما ذي وإمّا النائِيَه

ــ

والمعروف من كلام النحويين أن هذا أمر بمجالسة كل منهما, وجعلوا ذلك فرقًا بين العطف بالواو والعطف بأو. ثالثها: التخيير قاله بعضهم في قوله:

٨٧٠- قالوا نَأَتْ فاخْتَرْ لَهَا الصَّبْرَ والبُكا ... فقلت البُكا أَشْفَى إذًا لغَلِيلِي

أي: أو البكا إذ لا يجمع بين الصبر والبكا. ويحتمل أن يكون الأصل من الصبر والبكا أي: أحدهما ثم حذف من كما في قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} ويؤيده أن أبا علي الفارسي رواه بمن ا. هـ. "ومثل أو في القصد الثانية في نحو" تزوج "إما ذي وإما النائيه" وجاءني إما زيد وإما عمرو.

تنبيهات: الأول ظاهر كلامه أنها تأتي للمعاني السبعة المذكورة في أو، وليس كذلك فإنها لا تأتي بمعنى الواو ولا بمعنى بل والعذر له أن ورود أو لهذين المعنيين قليل ومختلف فيه فالإحاطة إنما هي على المعاني المتفق عليها ولم يذكر الإباحة في التسهيل لكنها بمقتضى القياس جائزة. الثاني ظاهره أيضًا أنها مثل أو في العطف والمعنى وهو ما ذهب إليه أكثر النحويين. وقال أبو علي وابنا كيسان: وبرهان هي مثلها في المعنى فقط, ووافقهم الناظم وهو الصحيح، ويؤيده قولهم: إنها مجامعة للواو لزومًا والعاطف لا يدخل على العاطف. وأما قوله:

٨٧١- يا ليتما أُمُّنَا شَالَتْ نعامَتُها ... إيما إلى جَنَّة إيما إلى نار

ــ

قوله: "أن هذا أمر" أي: إذن. قوله: "قالوا نأت إلخ" من الطويل ودخله الثلم وهو حذف فاء فعولن, ويروى وقالوا ولا ثلم فيه حينئذٍ, وقوله نأت أي: بعدت, والغليل حرارة العطش, لكن المراد هنا مطلق الحرارة ليشمل حرارة

العشق. قوله: "رواه بمن" أي: بدل لها. قوله: "إما" ذهب سيبويه إلى أنها مركبة من أن وما, وذهب غيره إلى أنها بسيطة وهو الظاهر؛ لأن الأصل البساطة, وقوله: الثانية احتراز عن الأولى, فإنه لا خلاف في أنها غير عاطفة لاعتراضها بين العامل والمعمول نحو: قام إما زيد وإما عمرو لكن لا مانع من نسبة المعاني للأولى أيضًا لتلازمهما غالبًا, والنائية البعيدة. قوله: "ظاهر كلامه" أي: حيث أطلق القصد فشمل جميع المعاني المقصودة. قوله: "والعذر له" أي: في الإطلاق وعدم التقييد بما عدا المذكورين. قوله: "ظاهره أيضًا" أي: حيث أطلق القصد فشمل العطف إذ هو مما يقصد. قوله: "مثل أو في العطف والمعنى" ولعل الواو على هذا القول زائدة لازمة كما قيل بمثله في لكن كما مر.

قوله: "والعاطف لا يدخل على العاطف" أي: فالعاطف إنما هو الواو الداخلة على إما. قوله: "وأما قوله إلخ" إيراد على قوله لزومًا. قوله: "شالت نعامتها" كناية عن موتها؛ لأن النعامة


٨٧٠- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص١١٤؛ وأمالي القالي ٢/ ٦٤؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٨١؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٤٠٤؛ وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص٤٨٠؛ ومغني اللبيب ٢/ ٣٠٨.
٨٧١- البيت من البسيط، وهو للأحوص في ملحق ديوانه ص٢٢١؛ ولسان
العرب ١٤/ ٤٦ "أما"؛ ولسعد بن قرط في خزانة الأدب ١١/ ٨٦، ٨٧، ٨٨، ٩٠، ٩٢؛ والدرر ٦/ ١٢٢؛ وشرح التصريح ٢/ ١٤٦؛ وشرح شواهد المغني ١/ ١٨٦؛ وشرح عمدة الحافظ ص٦٤٣؛ والمحتسب ١/ ٢٨٤، ٢/ ٣١٤؛ والمقاصد النحوية ٤/ ١٥٣؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣/ ٣٨٢؛ وتذكرة النحاة ص١٢٠؛ والجنى الداني ص٥٣٣؛ وجواهر الأدب ص٤١٤؛ ورصف المباني ص١٠٢؛ وشرح المفصل ٦/ ٧٥؛ ومغني اللبيب ١/ ٥٩؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>