خَيِّرْ أَبِحْ قَسِّمْ وَأَبْهِمِ ... واشْكُكْ وإضراب بها أيضا نُمِي
ــ
أنها تكون زائدة. وقال في قوله تعالى: {أَفَلَا تُبْصِرُونَ، أَمْ أَنَا خَيْر} [الزخرف: ٥٢] : إن التقدير أفلا تبصرون أنا خير، والزيادة ظاهرة في قول ساعدة في جؤية:
٨٦٣- يا ليت شِعْري ولا مَنْجَى من الهَرَمِ ... أم هل على العيش بعد الشِّيب من نَدَمِ
"خير" و"أبح" و"قسم بأو وأبهم واشكك" فالتخيير والإباحة يكونان بعد الطلب
ــ
ثبوت واحد فقط لم أر من ذكره, لكنه مقتضى القياس, وجواب الاستفهام مع المنقطعة بلا أو نعم. وإذا توالت استفهامات بأم المنقطعة فالجواب لأخيرها للإضراب إليه عما قبله فاعرف ذلك.
قوله: "إن التقدير أفلا تبصرون أنا خير" أي: على أن جملة: أنا خير مستأنفة وأما على الأول, فجملة: أنا خير منه معطوفة على ما قبلها. ووجه المعادلة بينها وبين الجملة قبلها أن الأصل أم تبصرون, فأقيمت الاسمية مقام الفعلية والسبب مقام المسبب؛ لأنهم إذا قالوا له: أنت خير كانوا عنده بصراء, قاله في المغني وأورد عليه أن السبب لاعتقاده كونهم بصراء قولهم: أنت خير كما تقرر, والمذكور هنا: أنا خير الذي هو مقوله لا مقولهم. وأجيب بأن الأصل أم تقولون أنت خير فحذف القول وحكي المقول بالمعنى. ثم يصح أن يكون في الآية إقامة المسبب مقام السبب؛ لأن اعتقادهم خيريته مسبب عنده عن كونهم بصراء ثم ظاهر كلام المغني أن أم في الآية متصلة وبه, صرح الزمخشري في الكشاف, والذي نص عليه سيبويه أنها منقطعة فإنه قال ما حاصله: إنه إذا كان ما بعد أم نقيض ما قبلها فهي منقطعة نحو: أزيد عندك أم لا؛ وذلك لأن السائل لو اقتصر على قوله: أزيد عندك لاقتضى استفهامه هذا أن يجاب بنعم أو لا فقوله أم لا مستغنى عنه في تتميم الاستفهام الأول وإنما يذكره الذاكر ليبين أنه عرض له ظن نفي أنه عنده فاستفهم عنه كما كان قد عرض له ظن ثبوت أنه عنده فاستفهم عنه, وكذا في الآية لو اقتصر على قوله: أفلا تبصرون لاستدعى أن يقال له نبصر أو لا نبصر فكان في غنية عن ذكر ما بعده, لكنه أفاد بقوله: أم أنا خير أنه عرض له ظن إبصارهم بعد ما ظن أولا عدمه. قوله: "ابن جؤية" بالهمزة اسم أم الشاعر, وهو في الأصل تصغير جئوة وهي حمرة تضرب إلى سواد.
قوله: "بأو" تنازعه الأفعال الثلاثة قبله كما أن قوله بها تنازعه الفعلان والمصدر قبله. قوله: "والإباحة" قال الشمني: ليس المراد بها الشرعية؛ لأن الكلام في معنى أو بحسب اللغة قبل ظهور الشرع, بل المراد الإباحة بحسب العقل أو بحسب العرف في أي: وقت كان وعند أي: قوم كانوا. قوله: "بعد الطلب" أي: صيغته وإن لم يكن هناك طلب كما في الإباحة وبعض صور التخيير, فقول البعض إذ لا طلب في الإباحة والتخيير فيه تساهل. قوله: "أو مقدرًا" نحو: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] ، أي: ليفعل أي: الثلاثة قاله الشارح على التوضيح. قوله:
٨٦٣- البيت من البسيط، هو لساعدة بن جؤية في الأزهية ص١٣١؛ وخزانة الأدب ٨/ ١٦١، ١٦٢، ١١/ ١٦٢؛ والدرر ٦/ ١١٥؛ وشرح أشعار الهذليين ٣/ ١١٢٢؛ وشرح شواهد المغني ١/ ١٥١؛ ومغني اللبيب ١/ ٤٨، وهمع الهوامع ٢/ ١٣٤؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص٣١٩؛ ولسان العرب ١٢/ ٣٦ "أمم".