للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يعرفوه بأنه من الظالمين {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ} وها هم بعد أن تبين لهم صمت الأصنام المنطبق، وعجزها التام عن أي دفاع أو انتقام، يعودون على أنفسهم باللائمة، ويدركون لأول مرة أنهم في الحقيقة هم الظالمون، {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ}. لكن هذه الومضة من النور لم تلبث أن انطفأت وأعقبها ظلام دامس، وإذا بفكرهم الذي بدأ يتفتح ينتكس من جديد، ويعود أدراجه إلى ما كان عليه من متابعة وتقليد {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ} ويدركون أن إبراهيم عندما اقترح عليهم أن يسألوا الأصنام من فعل بها ما فعل؟ إنما كان يقصد تبكيتهم وتوبيخهم، فيقولون له: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} فما كان من إبراهيم إلا أن انتهز الفرصة وأعلنها صيحة مدوية، معربا عن تضجره منهم ومن معبوداتهم، داعيا إياهم إلى تحرير عقولهم، للوصول إلى معرفة الله {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} وهنا ثارت ثائرتهم، وقرروا التخلص من إبراهيم، ومعاقبته بأشنع العقوبات وأقساها {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ}.

غير ان الحق سبحانه وتعالى الذي طبع النار على الحرارة والإحراق نزع عنها ذلك الطبع وأبقاها على الإضاءة والإشراق: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} فلما قال {بَرْدًا} لم يحرقه لهيبها، ولما {سَلَامًا} لم يهلكه زمهريرها، إذ

<<  <  ج: ص:  >  >>