للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَراهُ إذا ما جِئْتَهُ مُتَهَلِّلًا … كَأنَّكَ تُعْطيهِ الذي أنْتَ سائِلُهْ

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ في كَفِّهِ غَيْرُ رُوحِهِ … لَجادَ بِها فَلْيَتَّقِ الله سائِلُهْ

هُوَ البَحْرُ مِن أيِّ النَّواحي أتَيْتَهُ … فَلُجَّتُهُ المَعْروفُ والجودُ ساحِلُهْ

سَمعَ الشِّبْلِيُّ قائلًا يَقولُ: يا اللهُ! يا جوادُ! فتَأوَّهَ وصاحَ وقالَ: كيفَ يُمْكِنُني أنْ أصِفَ الحقَّ بالجودِ ومخلوقٌ يَقولُ في شكلِهِ … فذَكَرَ هذهِ الأبياتَ ثمَّ بكى وقالَ: بلى يا جوادُ! فإنَّكَ أوْجَدْتَ تلكَ الجوارحَ، وبَسَطْتَ تلكَ الهممَ، فأنتَ الجوادُ كلُّ الجوادِ؛ فإنَّهُم يُعْطونَ عن محدودٍ وعطاؤُكَ لا حدَّ لهُ ولا صفةَ، فيا جوادًا يَعْلو كلَّ جوادٍ وبهِ جادَ كلُّ مَن جاد (١)!

• وفي تضاعفِ جودِهِ - صلى الله عليه وسلم - في شهرِ رمضانَ بخصوصِهِ فوائدُ كثيرةٌ:

* منها: شرفُ الزَّمانِ ومضاعفةُ أجرِ العملِ فيهِ. وفي التِّرْمِذِيِّ: عن أنَسٍ مرفوعًا: "أفضلُ الصَّدقةِ صدقةٌ في رمضانَ" (٢).

* ومنها: إعانةُ الصَّائمينَ والقائمينَ والذَّاكرينَ على طاعاتِهِم، فيَسْتَوْجِبُ المعينُ لهُم مثلَ أجرِهِم، كما أن مَن جَهَّزَ غازيًا فقد غَزا ومَن خَلَفَهُ في أهلِهِ فقد غَزا.

وفي حديثِ: زَيْدِ بن خالِدٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: "مَن فَطَرَ صائمًا فلَهُ مثلُ أجرِهِ مِن غيرِ أنْ يَنْقُصَ مِن أجرِ الصَّائمِ شيءٌ" (٣). خَرَّجَهُ الإمامُ أحْمَدُ والنَّسائيُّ والتِّرْمِذِيُّ


(١) الذين أثبتوا اسم الجواد لله تعالى إنّما أثبتوه اعتمادًا على الحديث المشهور "إنّ الله جواد يحبّ الجود … ، وقد تبيّن لك (ص ٣٨١ و ٣٨٢) أنّ هذه القطعة من الحديث لا تصحّ فكذلك اسم الجواد، ولله جلّ وعلا من كلّ صفة أكمل معانيها وأكمل مفرداتها، ولا ريب أنّ صفة الكرم والعطاء أكمل وأعلى من صفة الجود، والله هو الكريم والأكرم والوهّاب والمنّان والمعطي والمنعم، وهذا أعظم من الجود؛ لأنّ الجود هو السخاء بالمال، ونعم الله تعالى ماديّة ومعنويّة، وهي أوسع من أن تحدّ بالمال أو بالمحسوسات.
(٢) (ضعيف). قطعة من حديث أنس في أنّه - صلى الله عليه وسلم - سئل: أيّ الصيام أفضل بعد رمضان؟ فقال: "شعبان تعظيمًا لرمضان". وقد تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٣٠٧).
(٣) (صحيح). رواه: عبد الرزّاق (٧٩٠٥)، وسعيد بن منصور (٢٣٢٨)، وابن أبي شيبة (١٩٥٤٨)، وأحمد (٤/ ١١٤ و ١١٦، ٥/ ١٩٢)، وعبد بن حميد (٢٧٦)، والدارمي (٢/ ٧)، وابن ماجه (٧ - الصيام، ٤٥ - ثواب من فطّر صائمًا، ١/ ٥٥٥/ ١٧٤٦)، والترمذي (٦ - الصوم، ٢ - فضل من فطّر صائمًا، ٣/ ١٧١/ ٨٠٧)، والبزّار (٣٧٧٥)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٣٣٣٠ و ٣٣٣١)، وابن خزيمة (٢٠٦٤)، وابن قانع في "المعجم" (١/ ٢٢٤/ ٢٤٩)، وابن حبّان (٣٤٢٩ و ٤٦٣٣)، والطبراني في "الكبير" (٥/ ٢٥٥/ ٥٢٦٧ - ٥٢٧٧) =

<<  <   >  >>