للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي روايةٍ للطَّبَرانِيِّ مِن حديثِ مُحَمَّدِ بن مَسْلَمَةَ مرفوعًا: "إنَّ للهِ في أيَّامِ الدَّهرِ نفحاتٍ، فتَعَرَّضوا لها، فلَعَلَّ أحدَكُم أنْ تُصيبَهُ نفحةٌ فلا يَشْقى بعدَها أبدًا" (١).

وفي "مسند الإمام أحْمَدَ": عن عُقْبَةَ بن عامِرٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "لَيْسَ مِن


= في "السنّة" (١٣٧٨)، وابن عساكر (٢٤/ ١٢٣)، والرافعي في "التدوين" (٣/ ١٩٢)؛ من طريق يحيى بن أيّوب، عن عيسى بن موسى بن إياس بن بكير، عن صفوان بن سليم، عن أنس … رفعه.
قال الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٢٣٤): "رجال الصحيح، غير عيسى بن موسى بن إياس بن بكير وهو ثقة"! قلت: ضعّفه أبو حاتم وذكره ابن حبّان في "الثقات"، فالقول فيه قول أبي حاتم على أيّ مقاييس الجرح والتعديل جرينا، وعلى التنزّل فلا يعدو أن يكون صالحًا في المتابعات، فهذه علّة. والعلّة الثانية: أنّه اضطرب فيه، فقد رواه: ابن أبي الدنيا في "الفرج" (٢٧)، والبيهقي في "الشعب" (١١٢٣)، وابن عساكر (٢٤/ ١٢٣)؛ من طريق الليث بن سعد، عنه، عن صفوان بن سليم، عن رجل من أشجع، عن أبي هريرة … رفعه. قال البيهقي: "وهذا هو المحفوظ دون الأوّل". قلت: لأنّ الليث ثقة ثبت ويحيى صدوق ربّما أخطأ، وإن كان الأظهر أنّ الاضطراب هنا من عيسى نفسه، وهذا يدلّ على ضعفه أيضًا. والعلّة الثالثة: أنّ كلا الوجهين منقطع؛ لأنّ رواية صفوان عن أنس منقطعة، وروايته عن أبي هريرة فيها رجل مبهم وهذا صنو الانقطاع.
وله شاهد ضعيف جدًّا من حديث محمَّد بن مسلمة يأتي الكلام عليه في الحاشية التالية.
وآخر من حديث أبي هريرة ذكره الألباني في "الصحيحة" (١٨٩٠) ونسبه إلى الخرائطي في "المكارم" نقلًا عن "الجامع الكبير"، وقد تتبّعت "المكارم" حديثًا حديثًا فلم أقف عليه، والغالب أنّه من أوجه الاضطراب المشار إليها في حديث أنس وليس بالشاهد المستقلّ.
والحديث؛ ضعّفه أبو نعيم والبغوي والسيوطي وابن عراق والشوكاني والمناوي، ومال إلى تقويته الهيثمي، وصحّحه الألباني بشاهديه، وقد تبيّن لك ما في أحدهما وسيأتيك ما في الآخر.
وقد جاء موقوفًا على أبي الدرداء عند ابن أبي شيبة (٣٤٥٨٣) وأبي نعيم في "الحلية" (٢٢١) بسند لا بأس به، وهو أشبه.
(١) (ضعيف جدًّا). رواه الطبراني في "الكبير" (١٩/ ٢٣٣/ ٥١٩) و، "الأوسط" (٢٨٧٧ و ٦٢٤٣) من طريق الحسن بن صالح بن أبي الأسود، [ثنا عمّي منصور بن أبي الأسود]، عن شيخ يكنى أبا محمّد، عن شيخ يقال له المهاجر، عن ابن مسلمة … رفعه. قال الطبراني: "لا يروى عن ابن مسلمة إلَّا بهذا الإسناد". قلت: بل له إسناد آخر. وقال الهيثمي (١٠/ ٢٣٤): "فيه من لم أعرفهم، ومن عرفتهم وثقوا". قلت: الحسن مجهول زائغ وإنَّ وثّقه ابن حبّان، وأبو محمّد والمهاجر مجهولان، فالسند واهٍ.
ورواه الرامهرمزي في "المحدّث" (ص ٤٩٧): ثنا همّام بن محمّد العبدي، ثنا إبراهيم بن الحسن العلّاف، ثنا نائل بن نجيح، ثني عائذ بن حبيب، عن محمّد بن سعيد؛ قال لمّا مات محمَّد بن مسلمة وجدنا في ذؤابة سيفه: وسمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - … فذكره. وهذا واهٍ أيضًا: همّام لم أقف له على ترجمة. ونائل ضعيف. ومحمّد بن سعيد أخشى أنّه الكذّاب المصلوب، وفي السند انقطاع أيضًا.
وخلاصة القول أنّ السندين واهيان بمرّة، والضعف لازم للحديث جملة وتفصلًا.

<<  <   >  >>